ويطالبنا تفسير «ظلال القرآن» أن نقف لحظة أمام هذا الجد الصارم ، في هذا الخطاب الالهي ، من الله سبحانه ، الى نبيه الكريم ، الذي حدثه منذ لحظة ذلك الحديث الرفيق الودود.
ان الامر هنا يتعلق بالاستقامة على هدى الله وتوجيهه ، ويتعلق بقاعدة التميز والتجرد الا من طاعة الله ونهجه.
ومن ثم يجيء الخطاب فيه بهذا الحزم والحزم ، وبهذه المواجهة والتحذير : «انك اذا لمن الظالمين».
ان الطريق واضح والصراط مستقيم ، فاما العلم الذي جاء من عند الله. واما الهوى في كل ما عداه. وليس للمسلم أن يتلقى الا من الله ، وليس له أن يدع العلم المستيقن الى الهوى المتقلب. وما ليس من عند الله فهو الهوى بلا تردد.
وجاء في سورة البقرة :
«وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ بِكُلِّ آيَةٍ ما تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَما أَنْتَ بِتابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَما بَعْضُهُمْ بِتابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ» (١).
أي لو أقام الرسول عليهم كل دليل بصحة ما جاءهم به ، لما اتبعوه وتركوا رذيلة اتباع الهوى ، وأنت بفضل الله وتوفيقه لن ترتكب هذه الرذيلة ، ولن تقبل هواهم ، بل تستمسك بأمر الله في كل الاحوال ، ونحن نحذرك من مخالفة الحق والركون الى اهوائهم ، والخطاب يشمل أمة النبي
__________________
(١) سورة البقرة ، الآية ١٤٥.