أو قول أو سلوك.
وقد وردت مادة الرعاية في القرآن الكريم ، فقال في التنزيل في سورة الحديد :
«ثُمَّ قَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِرُسُلِنا وَقَفَّيْنا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ وَجَعَلْنا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغاءَ رِضْوانِ اللهِ فَما رَعَوْها حَقَّ رِعايَتِها فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ» (١).
والرهبانية هي الفعلة المنسوبة الى الرهبان ـ بفتح فسكون ـ أي الخائف ، صيغة فعلان من رهب مثل : خشيان ، وكانوا يفرون الى الجبال والصحارى ، ويقطعون أنفسهم عن الزواج والنسل. ويخطىء من يظن أن كلمة «رهبانية» معطوفة في الاعراب على كلمتي «رأفة ورحمة» ، وعلى ذلك تكون الكلمة منصوبة بوقوع «الجعل» عليها ، وهذا الفهم خطأ ، والصواب أن كلمة «رهبانية» منصوبة على الاشتغال بفعل «ابتدعوها» ، والوقف يكون على كلمة «ورحمة» ثم نتابع القراءة بعدها ، أي ورهبانية ابتدعوها ، أي لم يشرعها الله لهم ، وانما ابتدعوها من عند انفسهم ، ولم يكتبها الله عليهم.
وفي هذه الآية السابقة استطاع العلماء أن يفهموا منها أن الله يذم من لم يلتزم رعاية شيء ألزم نفسه برعايته من أنواع الطاعة حتى ألزم كثير من الفقهاء من شرع في طاعة مستحبة باتمامها ، ويعلق على ذلك بعض العلماء
__________________
(١) سورة الحديد ، الآية ٢٧.