فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته».
والراعي كما ذكرنا هو الحافظ المؤتمن على ما يليه ، وكل شخص راع ومسؤول ، فالحاكم راع على محكوميه ، والرجل راع على أهل بيته ، والمرأة راعية على بيت زوجها واولاده وماله ، وولد الرجل راع على مال أبيه ، والخادم راع على مال سيده ، والكل مسؤولون ان قصروا ، ومثابون أن أخلصوا في عملهم. ويبقى الشخص الفرد الذي لا زوج له ولا ولد ، ولا خادم له ، فهو راع على جوارحه ، بحفظها من الحرام ، وقيامها بالواجب عليها ، شكرا لله تبارك وتعالى ، فصدقت القاعدة : «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته».
وقد روى الشيخان البخاري ومسلم قول رسول الله صلوات الله وسلامه عليه : «ما من وال يلي رعية من المسلمين ، فيموت وهو غاش لها الا حرم الله عليه الجنة».
ولقد روي في شأن هذا الحديث أن عبيد الله بن زياد كان أميرا على البصرة من جهة معاوية بن أبي سفيان ، فسمع بمرض معقل بن يسار الصحابي الجليل ، فذهب اليه ليعوده ، وفي أثناء العيادة قال ابن يسار رضي الله عنه : سمعت النبي صلىاللهعليهوسلم يقول : كل راع يموت وهو غاش لرعيته فالجنة عليه حرام.
ويعلمنا رسول الله عليه الصلاة والسّلام أن ولاية الانسان على الناس لون من أدق ألوان فضيلة الرعاية التي يدعونا الى فقهها الاسلام ، لانها تستلزم الوقاية من الزلل ، والتجنب للخلل ، ورعاية الله في حقوق عباده ، ومحاربة النفس فيما يتعلق بأمورهم ، وهذا مثلا أبو ذر الغفاري يطمع في الامارة والولاية على الناس ، فيتجه الى النبي صلىاللهعليهوسلم ، يطمع منه أن يوليه ولاية فيقول له : يا رسول الله ، ألا تستعملني؟ فضربه رسول الله على منكبه ، وقال له : يا أبا ذر ، انك ضعيف ، وانها امانة