وانها يوم القيامة خزي وندامة ، الا من أخذها بحقها ، وأدى الذي عليه فيها.
واذا تدبر الانسان الامور من حوله أدرك ان الولاية على الناس رعاية أي رعاية لامورهم ما دق منها أو جل ، ورقابة موصولة رعاية لتقوى الله فيهم ، والعدل بينهم. والرسول يقول : «انكم ستحرصون على الامارة ، وستكون ندامة يوم القيامة ، فنعم المرضعة وبئس الفاطمة» هي نعم المرضعة في تقدير الناس عند اقبالها ، وفي أيامها ، ولكنها بئس الفاطمة عند اعراضها ، وانقضاء لذاتها ، وبقاء حسراتها وتبعاتها.
وقد كان اعلام المسلمين في عهود السلف يزينون انفسهم بفضيلة الرعاية لما وضع الله بين أيديهم من أمانات وتبعات ، وكانوا يخشون أن تمر عليهم الايام ، فتبتليهم بهذه التبعات ، ويتوجسون خوفا من عجزهم عن وفائهم بحقوق هذه الرعاية.
وهذا عمر بن الخطاب يقول في أخريات أيامه : «اللهم كبرت سني ، وضعفت قوتي ، وانتشرت رعيتي ، وقلت حيلتي ، فاقبضني اليك غير مضيع ولا مفرط ، اللهم ارزقني الشهادة في سبيلك ، واجعل موتي في بلد رسولك عليه الصلاة والسّلام».
وهذا حفيده عمر بن عبد العزيز كان من قوة فضيلة الرعاية عنده أن يقول : «اني نظرت الى نفسي فوجدتني قد وليت أمر هذه الامة كلها ، ثم ذكرت الغريب الضائع ، والفقير المحتاج ، والاسير المفقود ، وأشباههم في أقاصي البلاد واطراف الارض ، فعلمت أن الله تعالى سائلي عنهم ، وأن محمدا صلىاللهعليهوسلم حجيجي فيهم ، فخفت ألا يثبت لي عند الله تعالى عذر ، ولا يقوم لي مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم حجة ، فخفت على نفسي خوفا دمعت له عيني ووجل له قلبي ، وأنا كلما ازددت لذلك ذكرا ازددت منه وجلا».