لفساد أديانهم ، غريب في تمسكه بالسنة لتمسكهم بالبدع ، غريب في اعتقاده لفساد عقائدهم ، غريب في صلاته لسوء صلاتهم ، غريب في طريقه لضلال طرقهم. وكما يعبر ابن القيم : «وبالجملة هو غريب في أمر دنياه وآخرته. لا يجد من العامة مساعدا ولا معينا ، فهو عالم بين جهال ، صاحب سنة بين أهل بدع ، داع الى الله ورسوله بين دعاة الى الاهواء والبدع ، آمر بالمعروف ناه عن المنكر بين قوم المعروف فيهم منكر والمنكر معروف».
وقد قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «الغرباء الذين يفرون بدينهم من الفتن».
ويقول أيضا : «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم ، ولا من خالفهم ، حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك».
وفي سنة ١٣٧٣ ه أخرجت للناس كتابا حققته وشرحته ، واسمه «كشف الكربة بوصف حال أهل الغربة» للامام شيخ الاسلام ابن رجب الحنبلي ، وتوجت هذا الكتاب بعبارة اهداء قلت فيها : «الى الغرباء بحقهم في دنيا الباطل ، نهدي هذا الحديث ، عبرة وتذكرة» وسميت هذا الكتاب «غربة الاسلام».
ونرى الامام ابن رجب يذكر أن الغربة غربتان فيقول : «الغربة عند أهل الطريقة غربتان : ظاهرة وباطنة ، فالظاهرة غربة أهل الصلاح بين أهل الجهل وسوء الاخلاق ، وغربة علماء الآخرة بين علماء الدنيا الذين سلبوا الخشية والاشفاق ، وغربة الزاهدين بين الراغبين فيما ينفد وليس بباق.
وأما الغربة الباطنة فغربة الهمة ، وهي غربة العارفين بين الخلق كلهم ، حتى العلماء والعباد والزهاد ، فان أولئك واقفون مع علمهم وعبادتهم وزهدهم ، وهؤلاء واقفون مع معبودهم ، لا يعرجون بقلوبهم عنه ، فكان أبو سليمان الداراني يقول في صفتهم : «همتهم غير همة الناس ، وارادتهم