فان الله يعطيه ما لا يعطيه لاحد ، ويجعله يشفع ما لا يشفع لاحد.
وقد تعرض ابن الجوزي في تفسيره «زاد المسير» لمعنى هذه الآية الكريمة فذكر أن النافلة في اللغة ما كان زائدا على الاصل ، وذكر في معنى هذه الزيادة في حق النبي قولين : أحدهما أنها زائدة على الفرض ، عليه ، فيكون المعنى : فريضة عليك ، وكان قد فرض عليه قيام الليل.
والثاني أنها زائدة على الفرض ، فهي تطوع وفضيلة ، وذلك أنه قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، فما زاد على فرضه فهو نافلة له وفضيلة. وذكر بعض العلماء أن صلاة الليل كانت فرضا عليه في الابتداء ، ثم رخص له في تركها ، فصارت نافلة. وذكر ابن الانباري أن الرسول عليه الصلاة والسّلام كان اذا تنفل لا يقدر له ان يكون بذلك ماحيا للذنوب ، لأنه قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، وغيره اذا تنفل كان راجيا ، ومقدرا محو السيئات عنه بالتنفل ، فالنافلة لرسول الله صلىاللهعليهوسلم زيادة على الحاجة ، وهي لغيره مفتقر اليها ، ومأمول بها دفع المكروه ، وقيل ان النافلة للنبي وأمته ، والمعنى : ومن الليل فتهجدوا به نافلة لكم. فخوطب النبي بخطاب أمته.
وجاء في تفسير «ظلال القرآن» هذه السطور عن الآية : «وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ» والتهجد الصلاة بعد نومة أول الليل ، والضمير في به عائد على القرآن ، لأنه روح الصلاة وقوامها.
«عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا» بهذه الصلاة ، وبهذا القرآن والتهجد به ، وبهذه الصلة الدائمة بالله ، فهذا هو الطريق المؤدي الى المقام المحمود. واذا كان الرسول صلىاللهعليهوسلم يؤمر بالصلاة والتهجد والقرآن ، ليبعثه ربه المقام المحمود المأذون له به ، وهو المصطفى المختار ، فما أحوج الآخرين الى هذه الوسائل ، لينالوا المقام المأذون لهم به في