وهكذا. وأما حين جاء السؤال في قوله تعالى :
«وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ» (١).
فان الله تعالى لم يطلب الى رسوله أن يتولى الاجابة على السؤال كما رأينا في المواطن الاخرى ، بل تولى الله تعالى بذاته القدسية الاجابة على سؤال العباد ، ولعلّ الحكمة في ذلك هي الاشعار بأن من يدعو الله لا يحتاج الى وسيط بينه وبين الله ، فالله سبحانه يجيب الداعي بلا وساطة أو شفيع.
ومما يدل على مكانة الدعاء في حياة المسلم أن الله تبارك وتعالى جعل الدعاء يتكرر في كل صلاة من كل يوم ، ففي فاتحة الكتاب التي يتلوها المسلم في كل ركعة جاء قول الحق سبحانه :
«اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ ، صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ» (٢).
والدعاء فضيلة من فضائل الانبياء ، وهذا هو شيخهم وامامهم محمد عليه وعليهم الصلاة والسّلام يقول في حديثه الشريف : «أكثر دعائي ودعاء النبيين من قبلي بعرفات : لا اله الا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير».
وانما سمي التهليل والتحميد والتمجيد دعاء لأنه بمنزلته في استيجاب ثواب الله وجزائه كالحديث الآخر : «اذا شغل عبدي ثناؤه عليّ
__________________
(١) سورة البقرة ، الآية ١٨٦.
(٢) سورة الفاتحة ، الآية ٦ و ٧.