بل المراد أن من شأنه الاجابة ، فهو يجيب ان شاء كما قال في آية أخرى : «فيكشف ما تدعوه ان شاء» فهو على قولك : فلا يعطي الكثير فاطلب منه ، أي ان من شأنه ذلك ، ولا يلزم منه أن يعطي كل طالب عين ما طلبه.
وأجاب بعضهم بأن الاجابة أعم من اعطاء السؤال. وقد ورد في الحديث الصحيح أن الاجابة تكون باحدى ثلاث : اما أن يعجل له دعوته ، واما أن يدخر له ، واما أن يكف عنه من السوء مثلها. والآية سيقت لبيان أن الله تبارك وتعالى قريب من عباده المتوجهين اليه ، فلا حاجة بهم الى الصياح في تكبيره ودعائه ، ولا الى أن يتخذوا وسطاء بينهم وبينه في التوجه اليه ، وسؤال رحمته وفضله ، بل يجب أن يصمدوا اليه وحده ، فانه وحده هو الذي يجيب الدعاء.
ويقول الاستاذ الامام : ان الداعي شخص يطلب شيئا ، وهو يصدق على أكثر الناس الذين يطلبون كل يوم أشياء كثيرة ، وليس كل واحد منهم متحققا بدعاء الله تعالى وحده كما يجب أن يدعى ، فهو يقول : أجيب دعوة الداعي اذا خصني بالدعاء ، والتجأ اليّ التجاء حقيقيا ، بحيث ذهب عن نفسه اليّ ، وشعر قلبه بأنه لا ملجأ له الا اليّ ، ومثل هذا لا يطمع في غير مطمع ، ولا يطلب ما لا يصح أن يطلب ، وانما يمتثل أمر الله تبارك وتعالى ، باتخاذ جميع الوسائل من طرقها الصحيحة المعروفة ، وهي لا تتحقق الا بالعلم والعزيمة والعمل ، فان تم للعبد ما يريد بذلك فقد أعطاه الله سبحانه من خزائنه التي يفيض منها على جميع متبعي سننه في الخلق ، وان بذل جهده ولم يظفر بسؤاله ، فما عليه الا أن يلجأ الى مسبب الاسباب وهادي القلوب الى ما غاب عنها وخفي عليها ، ويطلب المعونة والتوفيق ممن بيده ملكوت كل شيء ، وقد قال بعض السلف : ان هذا مجاب لا محالة.
وقال الصوفية : الدعاء المجاب هو الدعاء بلسان الاستعداد ، وقد استعاذ النبي صلىاللهعليهوسلم من الطمع في غير مطمع. فمن يترك