السعي والكسب ويدعو قائلا : يا رب أعطني ألف جنيه ، فهو غير داع حقيقة ، وانما هو جاهل.
ومثل ذلك المريض لا يراعي الحمية ولا يتخذ الدواء ، ويقول : يا رب اشفني وعافني ، كأنه يقول : اللهم أبطل سننك التي قلت انها لا تبدل ولا تحول ، أبطلها من أجلي.
وكم استجاب الله تبارك وتعالى لنا من دعاء ، وكم كشف عنا من بلاء ، ورزقنا من حيث لا نحتسب ولا نتخذ الأسباب ، ولكن بتسخيره هو للاسباب.
ولقد قيل لابراهيم بن أدهم : ما بالنا ندعو الله سبحانه فلا يستجاب لنا؟.
فقال : لأنكم عرفتم الله فلم تطيعوه ، وعرفتم الرسول فلم تتبعوا سنته ، وعرفتم القرآن فلم تعملوا بما فيه ، وأكلتم نعمة الله فلم تردوا شكرها ، وعرفتم الجنة فلم تطلبوها ، وعرفتم النار فلم تهربوا منها ، وعرفتم الشيطان فلم تحاربوه ووافقتموه ، وعرفتم الموت فلم تستعدوا له ، ودفنتم الاموات فلم تعتبروا بهم ، وتركتم عيوبكم واشتغلتم بعيوب الناس.
وثمة سؤال أخير في هذا المجال : ما فائدة الدعاء وقد عرفنا أن القضاء لا مرد له؟.
ويجيب «الاحياء» للغزالي :
من القضاء رد البلاء بالدعاء ، فالدعاء سبب لرد البلاء ، واستجلاب الرحمة كما أن الترس سبب لرد السهم ، والماء سبب لخروج النبات من الارض ، فكما أن الترس يدفع السهم فيتدافعان ، فكذلك الدعاء والبلاء