والمعنى أنهن حافظات للغيب بحفظ الله اياهن ، فانهن لا يتيسر لهن حفظ الغيب الا بتوفيق الله تعالى ، أو بما حفظهن حين وعدهن الثواب العظيم على الامانة ، وأوعدهن العذاب الشديد على الخيانة.
ويقول الامام محمد عبده : الغيب هنا ما يستحى من اظهاره ، أي حافظات لكل ما هو خاص بأمور الزوجية الخاصة بالزوجين ، فلا يطلع أحد منهن على شيء مما هو خاص بالزوج.
ويشير تفسير المنار الى أن هذا يشمل كتمان كل ما يكون بينهن وبين أزواجهن في الخلوة ، ولا سيما حديث الرفث ، فما بالك بحفظ العرض ، وقد قيل ان هذه العبارة هي أبلغ ما في القرآن من دقائق كنايات النزاهة ، تقرؤها خرائد العذارى جهرا ، ويفهمن ما تومىء اليه مما يكون سرا ، وهن على بعد من خطرات الخجل أن تمس وجدانهن الرقيق بأطراف أناملها ، فلقلوبهن الامان من تلك الخلجات ، التي تدفع الدم الى الوجنات. ناهيك بوصل حفظ الغيب بما حفظ الله ، فالانتقال السريع من ذكر ذلك الغيب الخفي ، الى ذكر الله الجلي ، يصرف النفس عن التمادي في التفكر فيما يكون وراء الاستار ، من تلك الخفايا والاسرار ، وتشغلها بمراقبته عزوجل.
فهن حافظات للغيب بحفظ الله عزوجل ، أي بالحفظ الذي يؤتيه الله لهن بصلاحهن. فان المرأة الصالحة يكون لها من مراقبة الله تعالى وتقواه ما يجعلها محفوظة من الخيانة ، قوية على حفظ الامانة ، أو حافظات له بسبب أمر الله بحفظه ، فهن يطعنه ويعصين الهوى.
* * *
ومما يزكي حديث الحفظ والمحافظة في المجال الاخلاقي القرآني أن نجد الكتاب المجيد يقول في سورة ق :