ويقول القرآن الكريم في سورة آل عمران :
«زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَناطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعامِ وَالْحَرْثِ ذلِكَ مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ» (١).
وليس المراد ذم هذه الاشياء أو التنفير منها أو النهي عنها ، وانما المراد والله أعلم هو التحذير من أن تجعل غاية الحياة فينشغل الانسان بها انشغالا يصرفه عن واجباته الاخرى نحو الله والناس.
جاء في تفسير المنار : «الكلام في هذه الشهوات بيان لما فطر عليه الناس من حبها وزينه في نفوسهم ، وتمهيد لتذكيرهم بما هو خير منها ، لا لبيان قبحها في نفسها كما يتوهم الجاهل ، فان الله تعالى ما فطر الناس على شيء قبيح ، بل خلقهم في أحسن تقويم ، ولا جعل دينه مخالفا لفطرته. بل موافقا لها كما قال : «فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون». وكيف يكون حب النساء في أصل الفطرة مذموما وهو وسيلة اتمام حكمته تعالى في بقاء النوع الى الاجل المسمى ، وهو من آياته تعالى الدالة على حكمته ورحمته ، كما قال :
«وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذلِكَ
__________________
(١) سورة آل عمران ، الآية ١٤.