وهذا سيدنا رسول الله عليه الصلاة والسّلام يوجهنا الى التمتع الطيب والتزين الحميد فيقول : «اذا صلى احدكم فليلبس ثوبيه فان الله عزوجل أحق من تزين له ، فان لم يكن له ثوبان فليتزر اذا صلى».
ولقد كان الائمة من سلفنا الصالح يرون من المحمود للانسان ، المعدود في فضائله ومحامده أن يتمتع بالطيبات في غير اسراف ولا خيلاء فلقد كتب يحيى بن يزيد الى مالك بن أنس رضي الله عنهما هذه الرسالة :
«بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلّى الله على رسوله محمد في الاولين والآخرين من يحيى بن يزيد بن عبد الملك ، الى مالك بن أنس : أما بعد فلقد بلغني أنك تلبس الدقاق (الثياب الرقيقة المحكمة النسج) وتأكل الرقاق (أجود أنواع الخبز) ، وتجلس على الوطيء (الليّن) وتجعل على بابك حاجبا ، وقد جلست مجلس العلم ، وقد ضربت اليك المطيّ ، وارتحل اليك الناس ، واتخذوك اماما ورضوا بقولك ، فاتق الله تعالى يا مالك ، وعليك بالتواضع. كتبت اليك بالنصيحة مني كتابا ما اطلع عليه غير الله سبحانه وتعالى ، والسّلام».
فكتب اليه مالك بن أنس يقول : «بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم. من مالك بن أنس الى يحيى بن يزيد : سلام الله عليك ، أما بعد فقد وصل اليّ كتابك ، فوقع مني موقع النصيحة والشفقة والادب. أمتعك الله بالتقوى ، وجزاك بالنصيحة خيرا ، واسأل الله تعالى التوفيق ، ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم ، فأما ما ذكرت لي أني آكل الرقاق وألبس الدقاق ، وأحتجب وأجلس على الوطيء ، فنحن نفعل ذلك ونستغفر الله تعالى ، فقد قال تعالى : «قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق». واني لأعلم أن ترك ذلك خير من الدخول فيه ، ولا تدعنا من كتابك فلسنا ندعك من كتابنا والسّلام».