وتحدثوا بها ، واشكروها قولا وعملا.
ولقد قال المحققون : التحديث بنعم الله تعالى جائز مطلقا ، بل مندوب اليه اذا كان الغرض منه أن يقتدي غيره به ، أو أن يشيع شكر ربه بلسانه ، واذا لم يأمن على نفسه الفتنة والاعجاب فالستر أفضل. ولذلك يقول الحسن رضي الله عنه : اذا أصبت خيرا ، أو عملت خيرا ، فحدث به الثقة من اخوانك. وكان عمرو بن ميمون يردد قوله : اذا لقي الرجل من اخوانه من يثق به يقول له : رزق الله من الصلاة البارحة كذا وكذا.
ولا شك أن الرجل الذي يحلي نفسه ويجمل ذاته بفضيلة التحدث بنعم الله سبحانه ـ قولا وعملا ـ رجل جدير بالتقدير والمثوبة والاجر من خالقه تبارك وتعالى لأن هذا التحدث يدل أولا على تقدير النعمة ، ويدل ثانيا على روح الاعتراف والاقرار بفضل خالقها وواهبها ، ويدل ثالثا على أن النعمة وجدت لديه الارض الطيبة التي تثمر خير الاثمار ولذلك يعد التحدث بالنعمة من أكرم خصال الانبياء وفضائلهم ، وهذا زعيمهم محمد ، كان أحرص الناس على التحدث بفضل ربه ، وأسرع الناس الى عبادته وشكره ، وكلما قال له أحد من خاصته : لم تجهد نفسك في العبادة ، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فيجيب قائلا : «أفلا أكون عبدا شكورا»؟.
وقد أشار القرآن الى أن التحدث بالنعمة وشكرها من فضائل الانبياء ، فقال في سورة النمل على لسان سليمان :
«رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ