فِي عِبادِكَ الصَّالِحِينَ» (١).
أي ألهمني أن أشكر نعمتك التي مننت بها عليّ وعلى والديّ ، وأن أعمل عملا تحبه وترضاه ، واذا توفيتني فألحقني بالصالحين من عبادك ، والرفيق الاعلى من أوليائك.
وفي الجزء الاول من كتابي «أخلاق القرآن (٢)» تحدثت عن فضيلة الشكر ، خلال عشر صفحات ، ومن هذا الحديث ندرك عمق الصلة بين فضيلة الشكر وفضيلة التحدث بنعمة الله ، لأن الشكر هو تصور النعمة واظهارها ، وضده الكفر ، وهو نسيان النعمة وسترها ، بل توسع بعضهم في تصوير الشكر فوصفه بأنه مقابلة النعمة بالفعل والقول والنية فيثني على النعم بلسانه ، ويذيب نفسه في طاعته ، ويعتقد أنه موليها.
ويروي أبو نضرة قوله : كان المسلمون يرون أن من شكر النعم التحدث بها.
ومن جميل صنع الله بنا أنه جعل شكرنا للناس على معروفهم داخلا ضمنا في شكر الله تعالى ، فروى الترمذي وأبو داود قول الرسول صلىاللهعليهوسلم : «لا يشكر الله من لا يشكر الناس».
وروى أبو داود الحديث التالي : «من أبلى بلاء فذكره فقد شكره ، ومن كتمه فقد كفره».
وروى أيضا : «من أعطي عطاء فوجد فليجز به ، فان لم يجد فليثن به ، فمن أثنى به فقد شكره ، ومن كتمه فقد كفره».
__________________
(١) سورة النمل ، الآية ١٩.
(٢) كتابي «أخلاق القرآن» ج ١ ص ١١٢ ـ ١٢١. نشر دار الرائد العربي ، سنة ١٩٧١.