وهذه الانعام التي ينحرها الحجيج في نهاية أيام الاحرام يجوز لصاحبها الانتفاع بها ، ان كان في حاجة اليها لركوبها ، أو حاجة الى ألبانها لشربها ، الى أن تبلغ مكانها وهو البيت الحرام ، ثم تنحر هناك ، ولقد كان المسلمون على عهد رسول الله عليه الصلاة والسّلام يغالون في الهدي فيختارونه سمينا غالي الثمن ، يعلنون بذلك عن تعظيمهم لشعائر الله مدفوعين بتقوى الله حتى روي أن عمر بن الخطاب أهدى نجيبة ـ أي ناقة كريمة أصيلة ـ فأراد بعضهم أن يعطيه بدلها ثلاثمائة دينار ، فذهب الى النبي صلىاللهعليهوسلم يستشيره وسأله : أفأبيعها واشتري بثمنها نياقا أنحرها؟ فقال له النبي : انحرها اياها.
ولم يكن عمر يريد بهذا أن يضن بقيمة هذه الناقة ، بل كان يريد أن يبيعها ليشتري بثمنها نياقا أو بقرا للذبح ، فنصحه الرسول أن يضحي بالناقة نفسها ، لأنها أدل على التقوى والاخلاص والبذل في سبيل الله : «فانها من تقوى القلوب».
ولنتذكر ما سبق من قول الحسن : شعائر الله هي دين الله كله ، ويفسر هذا أحسن تفسير قول الحسن أيضا : قوله «ذلك ومن يعظم شعائر الله فانها من تقوى القلوب» أي دين الله.
وفي تفسير القرطبي : وهذا القول هو الراجح الذي يقدم على غيره لعمومه.
وعند ما تحدث تفسير «لطائف الاشارات» عن بيان قوله تعالى : «ذلك ومن يعظم شعائر الله فانها من تقوى القلوب» أورد هذه العبارة التي جاءت على طريقته الخاصة به : «يقف المؤمن على تعيين شعائر الله وتفصيلها بشهادة العلم جهرا ، وبخواطر الالهام سرا ، وكما لا تجوز مخالفة شهادة الشرع لا تجوز مخالفة شهادة خواطر الحق ، فان خاطر الحق لا