(إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ) أي أنهاك أن تكون منهم بسؤالك إياي ما لم تعلم. وقد تنبه ، عليهالسلام ، عند ذلك التأديب الإلهي ، والعتاب الرباني ، وتعوّذ بقوله :
القول في تأويل قوله تعالى :
(قالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْئَلَكَ ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخاسِرِينَ) (٤٧)
(قالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْئَلَكَ ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ ، وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي) أي ما فرط مني (وَتَرْحَمْنِي) أي بالوقوف على ما تحب وترضى (أَكُنْ مِنَ الْخاسِرِينَ) أي الذين خسروا أنفسهم ، بالاحتجاب عن علمك وحكمتك.
تنبيه :
ظاهر التنزيل أن ابنه المذكور لصلبه ، ويروى عن الحسن ومجاهد ومحمد بن جعفر الباقر أنه كان ابن امرأته ، ربيبه. وأيده بعضهم بقراءة عليّ : (ونادى نوح ابنها) ـ والله أعلم ـ.
ثم أنبأ تعالى عما قيل لنوح ، بعد أن أرست السفينة على الجودي ، بقوله :
القول في تأويل قوله تعالى :
(قِيلَ يا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكاتٍ عَلَيْكَ وَعَلى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ) (٤٨)
(قِيلَ يا نُوحُ اهْبِطْ) أي انزل من السفينة (بِسَلامٍ مِنَّا) أي سلامة (وَبَرَكاتٍ عَلَيْكَ وَعَلى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ) أي في السفينة على دينك وطريقتك إلى آخر الزمان (وَأُمَمٌ) أي ومنهم أمم (سَنُمَتِّعُهُمْ) أي في الحياة الدنيا لاحتجابهم بها (ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ) أي في الدنيا ، أو في الآخرة ، أو فيهما.
لطيفة :
ذهب العلماء ، في الطوفان ، مذاهب شتى. فالأكثرون على أنه عمّ الأرض بأسرها ، ومن ذاهب إليه أنه لم يعم إلا الأرض المأهولة وقتئذ بالبشر ، ومن جانح إلى أنه لم يعمها : كلها ولم يهلك البشر كلهم. ولك فريق حجج يدعم بها مذهبه :