بعث إليهم النبي صلىاللهعليهوسلم أي استخلفناكم في الأرض بعد القرون التي أهلكناها ، لننظر كيف تعملون من خير أو شر ، فنعاملكم حسب عملكم.
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ ما يُوحى إِلَيَّ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) (١٥)
(وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) يخبر تعالى عن تعنت الكفار من مشركي قريش ، بأنهم إذا قرأ عليهم النبيّ صلىاللهعليهوسلم كتاب الله وحججه الواضحة ، قالوا له : ائت بقرآن غير هذا ، أي جئنا بغيره من نمط آخر أو بدله إلى وضع آخر. قال تعالى لنبيه : (قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي) : أي ليس ذلك إليّ ، إنما أنا مبلغ عن الله تعالى.
قيل : إنما اكتفى بالجواب عن التبديل ، للإيذان بأن استحالة ما اقترحوه أولا ، من الظهور بحيث لا حاجة إلى بيانها. وأن التصدي لذلك ، مع كونه ضائعا ، ربما يعدّ من قبيل المجاراة مع السفهاء ، إذ لا يصدر مثل ذلك الاقتراح عن العقلاء. ولأن ما يدل على استحالة الثاني يدل على استحالة الأول بالطريق الأولى ، فهو جواب عن الأمرين بحسب المآل والحقيقة وقوله : (إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي) أي بالتبديل والنسخ من عند نفسي.
قال السيوطيّ في (الإكليل) استدل به من منع نسخ القرآن بالسنة.
قال الزمخشري : فإن قلت : فما كان غرضهم ، وهم أدهى الناس وأمكرهم ، في هذا الاقتراح ؛ قلت : الكيد والمكر. أما اقتراح إبدال قرآن بقرآن ففيه أنه من عندك ، وأنك قادر على مثله ، فأبدل مكانه آخر ، وأما اقتراح التبديل والتغيير فللطمع ، ولاختبار الحال ، وأنه إن وجد منه تبديل فإما أن يهلكه الله فينجو منه ، أو لا يهلكه فيسخروا منه ، ويجعلوا التبديل حجة عليه ، وتصحيحا لافترائه على الله ـ انتهى ـ.
ولما بيّن بطلان ما اقترحوا الإتيان به واستحالته ، أشار إلى تحقيق حقيقة القرآن ، وكونه من عنده تعالى بقوله :