القول في تأويل قوله تعالى :
(فَلَمَّا رَأى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قالُوا لا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمِ لُوطٍ) (٧٠)
(فَلَمَّا رَأى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ) أي لا يمدون إليه أيديهم (نَكِرَهُمْ) أي أنكرهم ، (وَأَوْجَسَ) أي أحس (مِنْهُمْ خِيفَةً) لظنه أنهم بشر أرادوا به مكروها. والضيف إذا همّ بفتك لا يأكل من الطعام ، في عادتهم. (قالُوا) أي له لما علموا منه الخوف بإخباره لهم ، كما في آية : (قالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ. قالُوا لا تَوْجَلْ) [الحجر : ٥٢ ـ ٥٣] كما قيل هنا (لا تَخَفْ) أي إنا لا نأكل لأنا ملائكة ، ولم ننزل بالعذاب عليكم (إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمِ لُوطٍ) أي لإهلاكهم.
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَامْرَأَتُهُ قائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ) (٧١)
(وَامْرَأَتُهُ قائِمَةٌ فَضَحِكَتْ) أي سرورا بزوال الخيفة ، أو بهلاك أهل الخبائث ، (فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ) أي يولد له. والاسمان يحتمل وقوعهما في البشارة ، أو أنها حكيا بعد أن ولدا وسمّيا بذلك. وتوجيه البشارة إليها هنا ، مع ورود البشارة إلى إبراهيم في آية أخرى ، كآية (فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ) [الصافات : ١٠١] ، (وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ) [الذاريات : ٢٨] ، إيذان بمشاركتها لإبراهيم في ذلك حين ورودها ، وإشارة إلى أن ذكر أحدهما فيه اكتفاء عن الآخر ، والمقام أمس بذكره وأبلغ. أو للتوصل إلى سوق نبئها في ذلك ، وخرق العادة فيه ، كما لوّح به تعجبها في قوله تعالى :
القول في تأويل قوله تعالى :
(قالَتْ يا وَيْلَتى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهذا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ) (٧٢)
(قالَتْ يا وَيْلَتى) أي يا عجبي. وأصله للدعاء بالويل ونحوه ، في جزع التفجع لشدة مكروه يدهم النفس ، ثم استعمل في التعجب. وألفه بدل من ياء المتكلم ولذلك أمالها أبو عمرو وعاصم في رواية ، وبها قرأ الحسن (يا ويلتي) وقيل : هي ألف الندبة ، ويوقف عليها بهاء السكت.
(أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ) أي امرأة مسنّة ـ والأفصح ترك الهاء معها ـ وسمع من بعض