العرب (عجوزة) ـ حكاه يونس ـ (وَهذا بَعْلِي) أي زوجي إبراهيم (شَيْخاً إِنَّ هذا) أي التولّد من هرمين (لَشَيْءٌ عَجِيبٌ) أي غريب ، لم تجر به العادة.
القول في تأويل قوله تعالى :
(قالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللهِ رَحْمَتُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ) (٧٣)
(قالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللهِ) أي أتستبعدين من شأنه وقدرته خلق الولد من الهرمين؟
قال الزمخشريّ : وإنما أنكرت عليها الملائكة تعجبها ، لأنها كانت في بيت الآيات ، ومهبط المعجزات ، والأمور الخارقة للعادات ، فكان عليها أن تتوقر ، ولا يزدهيها ما يزدهي سائر النساء الناشئات في غير بيت النبوّة ، وأن تسبّح الله وتمجده ، مكان التعجب وإلى ذلك أشارت الملائكة ، صلوات الله عليهم ، في قولهم : (رَحْمَتُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ) أرادوا أن هذه وأمثالها مما يكرمكم به رب العزة ، ويخصكم بالإنعام به يا أهل بيت النبوة ، فليست بمكان عجب. والكلام مستأنف ، علل به إنكار التعجب ، كأنه قيل : (إياك والتعجب) فإن أمثال هذه الرحمة والبركة متكاثرة من الله عليكم ـ انتهى ـ.
فالجملة خبرية ، وجوّز كونها دعائية. و (أهل البيت) نصب على النداء أو التخصيص ، لأن أهل البيت مدح لهم ، إذ المراد أهل بيت خليل الرحمن.
(إِنَّهُ حَمِيدٌ) أي مستحق للمحامد ، لما وهبه من جلائل النعم (مَجِيدٌ) أي كريم واسع الإحسان ، فلا يبعد أن يعطي الولد بعد الكبر. وهو تذييل بديع لبيان أن مقتضى حالها أن تحمد مستوجب الحمد المحسن إليها بما أحسن ، وتمجده ؛ إذ شرفها بما شرّف.
القول في تأويل قوله تعالى :
(فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِيمَ الرَّوْعُ وَجاءَتْهُ الْبُشْرى يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ) (٧٤)
(فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِيمَ الرَّوْعُ) أي خيفة إرادة المكروه منهم بعرفانهم (وَجاءَتْهُ الْبُشْرى) أي بدل الروع (يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ) أي في هلاكهم ، استعطافا لدفعه.
روي أنه قال : أتهلك البارّ مع الأثيم ، أتهلكها وفيهم خمسون بارّا؟ حاشا لك!
فقيل له : إن وجد فيهم خمسون بارّا فنصفح عن الجميع لأجلهم!