فقال : أو أربعون؟
فقيل : أو أربعون!
وهكذا إلى أن قال : أو عشرة ، فقيل له. لا نهلكها من أجل العشرة ، إلا أنه ليس فيها عشرة أبرار ، بل جميعهم منهمك في الفاحشة. فقال : إنه فيها لوطا! فقيل : نحن أعلم بمن فيها لننجينّه.
و (يُجادِلُنا) جواب (لمّا) جيء به مضارعا على حكاية الحال. أو أن (لمّا) ك (لو) تقلب المضارع ماضيا ، كما أن (إن) تقلب الماضي مستقبلا أو الجواب محذوف ، والمذكور دليله أو متعلق به.
القول في تأويل قوله تعالى :
(إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ) (٧٥)
(إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ) أي غير عجول على الانتقام من المسيء (أَوَّاهٌ) كثير التأسف (مُنِيبٌ) أي راجع إلى الله في كل ما يحبه ويرضاه. والمقصود بتعداد صفاته الجملية المذكورة ، بيان الحامل على المجادلة ، وهو رقة القلب وفرط الترحم.
القول في تأويل قوله تعالى :
(يا إِبْراهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هذا إِنَّهُ قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ) (٧٦)
(يا إِبْراهِيمُ) أي قيل له : يا إبراهيم : (أَعْرِضْ عَنْ هذا) أي الجدال (إِنَّهُ قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ) أي حكمه بهلاكهم (إِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ) أي بجدال ولا بدعاء ، ولا بغيرهما.
فوائد :
قال بعض المفسرين : لهذه الآيات ثمرات : وهي أن حصول الولد المخصص بالفضل نعمة ، وهلاك العاصي نعمة ، لأن البشرى قد فسّرت بولادة إسحاق ، كما في آخر الآية ، وهي : (فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ) إلخ وفسّرت بهلاك قوم لوط.
ومنها : استحباب نزول المبشّر على المبشّر ، لأن الملائكة أرسلهم الله بذلك.
ومنها : أنه يستحب للمبشّر تلقي ذلك بالطاعة ، شكرا لله تعالى على ما بشر به.
وحكى الأصمّ أنهم جاءوه في أرض يعمل فيها ، فلما فرغ غرز مسحاته ، وصلى ركعتين.