الحجاز والشام ، على مقربة من (معان) ويطلق على أهلها ، وهم قوم من العرب كانوا يعمرونها.
(أَخاهُمْ شُعَيْباً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ وَلا تَنْقُصُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ) أي لتبخسوا الناس أشياءهم بالباطل (إِنِّي أَراكُمْ بِخَيْرٍ) أي نعمة وثروة في رزقكم ومعيشتكم ، وعافية وتمتع في وجودكم. يعني : فلا تتعرضوا لزوال ذلك عنكم بما تأتونه مما تنهون عنه ، كما قال سبحانه : (وَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ) أي مهلك ، أو لا يشذ منه أحد.
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَيا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) (٨٥)
(وَيا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ) أي العدل.
قال الزمخشري فإن قلت : النهي عن النقصان أمر بالإيفاء ، فما فائدة قوله : (أَوْفُوا)؟.
قلت : نهوا أولا عن عين القبيح الذي كانوا عليه من نقص المكيال والميزان ، لأن في التصريح بالقبيح بغيا على المنهيّ ، وتعييرا له. ثم ورد الأمر بالإيفاء ، الذي هو حسن في العقول ، مصرحا بلفظه لزيادة ترغيب فيه ، وبعث عليه. وجيء به مقيدا (بالقسط) أي ليكن الإيفاء على وجه العدل والتسوية ، من غير زيادة ولا نقصان أمرا بما هو الواجب. لأن ما جاوز العدل فضل ، وأمر مندوب إليه. وفيه توقيف على أن الموفي ، عليه أن ينوي بالوفاء القسط ، لأن الإيفاء وجه حسنه أنه قسط وعدل. فهذه ثلاث فوائد. انتهى ـ.
(وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ) أي لا تنقصوهم حقوقهم بطريق من الطرق ، كالكيل والوزن وغيرهما ، فهو تعميم بعد تخصيص ، لأنه أعم من أن يكون في المقدار وغيره. والبخس : الهضم والنقص. ويقال للمكس : البخس. قال زهير :
أفي كلّ أسواق العراق إتاوة |
|
وفي كلّ ما باع امرؤ بخس درهم |
ألا تستحي منا ملوك وتتّقي |
|
محارمنا لا تتّقي الدم بالدم |
وروي (مكس درهم). يريد زهير : أخذ الخراج ، وما هو اليوم في الأسواق من رسوم وظلم. وكان قوم شعيب يأخذون ، من كل شيء يباع ، شيئا. كما تفعل السماسرة ، أو كانوا يمكسون الناس ، أو كانوا ينقصون من أثمان ما يشترون من