الحسنى. إذا عرف هذا فمن خصائص الإلهية السجود. فمن سجد لغيره فقد شبه المخلوق به. ومنها التوكل ، فمن توكل على غيره فقد شبهه به ، ومنها التوبة ، فمن تاب لغيره فقد شبهه به. ومنها الحلف باسمه تعظيما وإجلالا. فمن حلف بغيره فقد شبهه به. هذا في جانب التشبيه. وأما في جانب التشبه به ، فمن تعاظم وتكبر ، ودعا الناس إلى إطرائه في المدح والتعظيم ، والخضوع ، والرجاء ، وتعليق القلب به ؛ خوفا ، ورجاء ، والتجاء ، واستعانة ، فقد تشبه به ، ونازعه في ربوبيته وإلهيته ، وهو حقيق بأن يهينه غاية الهوان ، ويذله غاية الذل.
وفي الصحيح (١) عنه صلىاللهعليهوسلم قال : يقول الله عزوجل : العظمة إزاري ، والكبرياء ردائي ، فمن نازعني واحدا منهما عذبته. وكذلك من تشبه به في الاسم الذي لا ينبغي إلا لله وحده ، كملك الأملاك ، وحاكم الحكام ، ونحوه.
وفي الصحيح (٢) عنه صلىاللهعليهوسلم ، أغيظ رجل على الله رجل يسمى ملك الأملاك ، لا ملك إلّا الله.
فهذا غضب الله على من تشبه في الاسم ، الذي لا ينبغي إلا له ، فهو سبحانه ملك الملوك وحده يحكم عليهم كلهم ، ويقضي عليهم ، لا غيره.
وتتمة هذا البحث في (الجواب الكافي) لابن القيّم ، فانظره.
وقوله تعالى :
القول في تأويل قوله تعالى :
(أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غاشِيَةٌ مِنْ عَذابِ اللهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) (١٠٧)
(أَفَأَمِنُوا) أي هؤلاء المشركون (أَنْ تَأْتِيَهُمْ غاشِيَةٌ مِنْ عَذابِ اللهِ) أي : عقوبة تنبسط عليهم وتغمرهم (أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً) أي فجأة (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) أي : بإتيانها وهذا كقوله تعالى : (أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ ، أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَما هُمْ
__________________
(١) أخرجه مسلم في : البر والصلة والآداب ، حديث رقم ١٣٦.
(٢) أخرجه البخاري في : الأدب ، ١١٤ ـ باب أبغض الأسماء إلى الله ، حديث رقم ٢٣٦٧ ، عن أبي هريرة. ومسلم في : الآداب ، حديث رقمي ٢٠ و ٢١.