البصري ومحمد بن كعب القرظي في آخرين.
وقوله تعالى : (فَنُجِّيَ مَنْ نَشاءُ) وهم الرسل والمؤمنون بهم. وقرئ (فننجي) بالتخفيف والتشديد. وقرئ (فنجا)
(وَلا يُرَدُّ بَأْسُنا) أي عذابنا (عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ) أي : إذا نزل بهم.
وفيه بيان من شاء الله نجاتهم ، لأنه يعلم من المقابلة أنهم من ليسوا بمجرمين. وهم من تقدم.
القول في تأويل قوله تعالى :
(لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (١١١)
(لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ) الضمير ليوسف وإخوته ، أو للأنبياء وأممهم. ورجّح الزمخشري الثاني بقراءة (قصصهم) بكسر القاف ، جمع قصة. والمفتوح مصدر بمعنى المفعول. وأجيب بأن قصة يوسف وأبيه وإخوته مشتملة على قصص وأخبار مختلفة ، وقد يطلق الجمع على الواحد ، كما مرّ في (أَضْغاثُ أَحْلامٍ) وسنذكر وجوه العبر منها بعونه تعالى.
(ما كانَ) أي : القرآن المدلول عليه بما سبق دلالة واضحة (حَدِيثاً يُفْتَرى) أي : يختلق. (وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ) أي : من الكتب المنزلة ، فهو يصدق ما فيها من الصحيح ، وينفي ما وقع فيها من تحريف وتبديل وتغيير ، ويحكم عليها بالنسخ أو التقرير.
قال بعض المحققين : المراد به أن قصص القرآن ليست مخترعة ولا مفتراة ، بدليل وجود أمثالها بين الناس ، قبل نزوله. فهي وإن اختلفت قليلا في بعض التفاصيل والجزئيات ، عما يرويه الناس ، إلا أن توافقها في الجملة ، وتصدقها في الجوهر فلا تظنوا أيها المشركون أن النبي اخترعها بعقله ، بل اسألوا عنها أهل الكتاب ، تجدوا أنها معروفة بينهم ، ومروية في كتبهم ، فوجود قصص القرآن عند الناس من قبل ، من أعظم ما يصدقه ويؤيده ، لأن النبيّ صلوات الله عليه ، لم يطلع على كتب أهل الكتاب. ولا يتوهم من هذه الآية أن قصص القرآن يجب ألا تختلف عن قصص