(كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) أي بآيات الرسل ، قبل التدبر في معانيها ، (فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الظَّالِمِينَ) أي من هلاكهم بسبب تكذيبهم.
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ (٤٠) وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ (٤١) وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كانُوا لا يَعْقِلُونَ) (٤٢)
(وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ) أي يصدق به في نفسه ، ولكن يكابر بالتكذيب (وَمِنْهُمْ مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ).
(وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ) أي إن أصروا على تكذيبك ، فتبرأ منهم ، فقد أعذرت.
ثم أشار إلى أنهم ممن طبع على قلوبهم بقوله تعالى : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ) أي إذا قرأت القرآن (أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كانُوا لا يَعْقِلُونَ) أبرزهم في عدم انتفاعهم بسماعهم ، لكونهم لا يعون ولا يقبلون ، بصورة الصم المعتوهين : أي ا تطمع أنك تقدر على إسماع الصم ، ولو انضم إلى صممهم عدم عقولهم؟ لأن الأصم العاقل ربما تفرس واستدل إذا وقع في صماخه دويّ الصوت ، فإذا اجتمع سلب السمع والعقل فقد تم الأمر.
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كانُوا لا يُبْصِرُونَ) (٤٣)
(وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كانُوا لا يُبْصِرُونَ) كذلك أبرزهم ، لدعم انتفاعهم بمشاهدة أدلة الصدق وأعلام النبوة ، بصورة العمي المضموم إلى عماهم فقد البصيرة. أي أتحب هداية من كان كذلك؟ لأن الأعمى الذي له في قلبه بصيرة قد يحدس ويتظنن ، أما مع الحمق فجهد البلاء. يعني أنهم في اليأس من أين يقبلوا ويصدقوا ، كالصم والعمي الذين لا بصائر لهم ولا عقول ـ كذا في الكشاف ـ
القول في تأويل قوله تعالى :
(إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) (٤٤)
(إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً) بتعذيبهم من غير أن تقوم الحجة عليهم ، بإرسال