القول في تأويل قوله تعالى :
(وَالَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ) (٢١)
(وَالَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ) أي : من أرحامهم وقراباتهم وإخوانهم المؤمنين ، بالإحسان إليهم على حسب الطاقة ونصرتهم والذبّ عنهم والشفقة عليهم والنصيحة لهم وكف الأذى عنهم (وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ) أي : يعملون له أو يخافون وعيده فلا يعصونه فيما أمر (وَيَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ).
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ) (٢٢)
(وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ) أي : يدفعون بالكلام الحسن الكلام السيّئ إذا خاطبهم به الجاهلون كما قال تعالى : (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ...) [المؤمنون : ٩٦] الآية ، أو يتبعون السيئة الحسنة لتمحوها (أُولئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ) أي : عاقبة الدنيا وهي الجنة لأنها مرجع أهلها. فتعريف الدار للعهد.
القول في تأويل قوله تعالى :
(جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ (٢٣) سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ) (٢٤)
(جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ) أي : آمن ووحّد وعمل صالحا من هؤلاء.
قال أبو السعود : وفي التقييد بالصلاح قطع للأطماع الفارغة لمن يتمسك بمجرد حبل الأنساب.
وأصله للزجّاج حيث قال : بيّن تعالى أن الأنساب لا تنفع إذا لم يحصل معها أعمال صالحة ، بل الآباء والأزواج والذريات لا يدخلون الجنة إلّا بالأعمال الصالحة.
وقرئ ـ شاذّا ـ بضم لام (صلح). قال الزمخشري : والفتح أفصح.