مع تأنيث الضمير العائد على المثل حملا على المعنى.
(الثالث) : أن ثمة موصوفا محذوفا ، أي : مثل الجنة جنة تجري من تحتها الأنهار ، وقوله (وظلها) مبتدأ محذوف الخبر أي : كذلك.
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَفْرَحُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الْأَحْزابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُوا وَإِلَيْهِ مَآبِ) (٣٦)
(وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَفْرَحُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ) لأنه يحصل لهم به من المعاني والدلائل وكشف الشبهات ما لم يحصل لهم من تلك الكتب السالفة قيل : عنى بهم الذين آمنوا بالنبيّ صلىاللهعليهوسلم من أهل الكتاب كعبد الله بن سلام ، فإنهم يفرحون بما أنزل من القرآن ؛ لما يرون فيه من الشواهد على حقيته التي لا يمترى فيه ، ومن المعارف والمزايا الباهرة التي لا تحصى كما قال تعالى : (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ) [البقرة : ١٢١]. (وَمِنَ الْأَحْزابِ) يعني بقية أهل الكتاب والمشركين (مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ) وهو ما يخالف معتقدهم ، وجوّز أن يراد (بالموصول) من يفرح به منهم لمجرد تصديقه لما بين يديه وتعظيمه له وإن لم يؤمنوا. وب (الْأَحْزابِ) المشركون ، خاصة المنكرين لما فيه من التوحيد. ولذا أمر برد إنكارهم بقوله تعالى : (قُلْ إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُوا) أي : لا إلى غيره (وَإِلَيْهِ مَآبِ) أي : مرجعي للجزاء ، لا إلى غيره.
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ حُكْماً عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ما لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا واقٍ) (٣٧)
(وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ حُكْماً عَرَبِيًّا) أي : حاكما بالحق ، أو حكمة عربيّة (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ما لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا واقٍ) أي لئن تابعتهم على دين ، ما هو إلا أهواء بعد ثبوت العلم عندك بالبراهين والحجج فلا ينصرك ناصر ولا يقيك واق. وهذا من باب الإلهاب والتهييج والبعث للسامعين على الثبات في الدين والتصلب وأن لا يزلّ زالّ عند الشبهة بعد استمساكه بالحجة. وإلّا فكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم من شدة الشكيمة بمكان ـ كذا في (الكشاف).