إليه ، وتدعى به ، فإذا جاء رسولهم الموقف ليشهد عليهم بالكفر والإيمان ، قضى بينهم بإنجاء المؤمنين ، وعقاب الكافرين. كقوله تعالى : (وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَداءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِ) [الزمر : ٦٩].
وقوله تعالى :
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٤٨) قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلا نَفْعاً إِلاَّ ما شاءَ اللهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذا جاءَ أَجَلُهُمْ فَلا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) (٤٩)
(وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ) استبعادا له ، واستهزاء به (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) أي في أنه يأتينا. ولما فيه من الإشعار بكون إتيانه بواسطة النبيّ صلوات الله عليه ، قيل : (قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلا نَفْعاً) أي مع أن ذلك أقرب حصولا ، فكيف أملك لكم حتى أستعجل في جلب العذاب لكم ، وتقديم الضر ، لما أن مساق النظم لإظهار العجز عنه. وأما ذكر النفع فلتوسيع الدائرة تعميما. والمعنى لا أملك شيئا ما.
(إِلَّا ما شاءَ اللهُ) أي أن أملكه ، أو لكن ما شاء الله كائن فالاستثناء متصل أو منقطع. وصوب أبو السعود الثاني ، بأن الأول يأباه مقام التبرؤ من أن يكون ، عليه الصلاة والسلام ، له دخل في إتيان الوعد. وبسط تقريره.
وأفاد بعض المحققين أن الاستثناء بالمشيئة قد استعمل في أسلوب القرآن الكريم للدلالة على الثبوت والاستمرار ، كما في هذه الآية ، وقوله : (خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ) [هود : ١٠٧] ، قال : والنكتة في الاستثناء بيان أن هذه الأمور الثابتة الدائمة إنما كانت كذلك بمشيئة الله تعالى ، لا بطبيعتها في نفسها ، ولو شاء تعالى أن يغيرها لفعل. وهو نفيس جدا فليحرص على حفظه.
وقوله تعالى : (لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ) أي لكل واحد من آحاد كل أمة أجل معين (إِذا جاءَ أَجَلُهُمْ فَلا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) قال القاشانيّ : درّجهم إلى شهود الأفعال بسلب الملك والتأثير عن نفسه ، ووجوب وقوع ذلك بمشيئة الله ، ليعرفوا آثار القيامة. ثم لوح إلى أن القيامة الصغرى هي بانقضاء آجالهم المقدرة عند الله بقوله : (لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ ...) الآية.