القول في تأويل قوله تعالى :
(وَسَكَنْتُمْ فِي مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنا بِهِمْ وَضَرَبْنا لَكُمُ الْأَمْثالَ) (٤٥)
(وَسَكَنْتُمْ فِي مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) كعاد وثمود (وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنا بِهِمْ) أي بما تشاهدونه في منازلهم من آثار ما نزل بهم وما تواتر عندكم من أخبارهم (وَضَرَبْنا لَكُمُ الْأَمْثالَ) أي صفات ما فعلوا وما فعل بهم. أي ومع ذلك فلم يكن لكم فيهم معتبر ولا مزدجر.
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ) (٤٦)
(وَقَدْ مَكَرُوا) أي بالنبيّ صلوات الله عليه (مَكْرَهُمْ) أي العظيم أي الذي استفرغوا فيه جهدهم لإبطال الحق وتقرير الباطل (وَعِنْدَ اللهِ مَكْرُهُمْ) أي جزاء مكرهم (إِنْ كانَ مَكْرُهُمْ) أي في العظم والشدة (لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ) أي مسوّى ومعدّا لإزالة الجبال عن مقارّها ، لتناهي شدته.
وجوّز في (إن) كونها نافية واللام مؤكدة له. والمعنى : ومحال أن تزول الجبال بمكرهم. على أن الجبال مثل (أي استعارة تمثيلية) لآيات الله وشرائعه. لأنها بمنزلة الجبال الراسية ثباتا وتمكنا. وينصره قراءة ابن مسعود : (وما كان مكرهم) وقرئ (لِتَزُولَ) بلام الابتداء أي هو من الشدة بحيث تزول منه الجبال وتنقلع من أماكنها.
القول في تأويل قوله تعالى :
(فَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقامٍ) (٤٧)
(فَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ) أي من نصرهم المبين في قوله تعالى : (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا) [غافر : ٥١] ، (كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي) [المجادلة : ٢١] ، (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ) [النور : ٥٥] الآية.