الجرائم والفساد. فيجمع بين النظراء والأشكال منهم ، كل صنف إلى صنف. كما قال تعالى : (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ) [الصافات : ٢٢]. وقال : (وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ) [التكوير : ٧] ، أو : قرنوا مع الشياطين ، لقوله تعالى : (لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّياطِينَ) [مريم : ٦٨] ، أو قرنت أيدهم وأرجلهم إلى رقابهم بالأغلال. وقوله تعالى : (فِي الْأَصْفادِ) أي القيود أو الأغلال جمع صفد (بفتحتين) بمعنى القيد أو الغل. والقيد هو الذي يوضع في الرجل. والغل (بالضم) ما في اليد والعنق وما يضم به اليد والرجل إلى العنق. والجارّ متعلق ب (مُقَرَّنِينَ) أو حال من ضميره أي مصفدين وقوله تعالى :
القول في تأويل قوله تعالى :
(سَرابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرانٍ وَتَغْشى وُجُوهَهُمُ النَّارُ) (٥٠)
(سَرابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرانٍ) تشبيه لهم بأكره ما يوجد منظرا عند العرب. وهو الإبل الجربى التي تطلى بالقطران. وإعلام بأن لهم أعظم ما ينال الجلد داء وهو تقرحه بالجرب. وأخبث ما يكون دواء لقبحه لونا وريحا ، وهو القطران. فإنه أسود منتن الريح.
قال الزمخشري : تطلى به جلود أهل النار حتى يعود طلاؤه لهم كالسرابيل وهي القمص لتجتمع عليهم الأربع : لذع القطران ، وحرقته ، وإسراع النار في جلودهم ، واللون الوحش ، ونتن الريح. على أن التفاوت بين القطرانين كالتفاوت بين النارين. وكل ما وعده الله وأوعد به في الآخرة فبينه وبين ما نشاهده من جنسه ما لا يقادر قدره. وكأنه ما عندنا منه إلا الأسامي. والمسميات ثمة. فبكرمه الواسع نعوذ من سخطه. ونسأله التوفيق فيما ينجينا من عذابه. انتهى.
ويؤيد ما بيناه من أن في الآية إشارة إلى ابتلائهم بجرب جهنم : ما رواه الإمام أحمد (١) ومسلم (٢) عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول صلىاللهعليهوسلم : أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركوهن : الفخر بالأحساب. والطعن في الأنساب. والاستسقاء بالنجوم. والنياحة على الميت. والنائحة إذا لم تتب قبل موتها ، تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب.
__________________
(١) أخرجه الإمام أحمد في مسنده ٥ / ٣٤٢.
(٢) أخرجه مسلم في : صحيحه في : الجنائز ، حديث ٢٩.