القول في تأويل قوله تعالى :
(لِيَجْزِيَ اللهُ كُلَّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) (٥١)
(لِيَجْزِيَ اللهُ كُلَّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ) الجار متعلق بمحذوف. أي يفعل بالمجرمين ما يفعل ليجزي إلخ. و (النفس) مخصوصة بالنفس المجرمة بقرينة المقام. أو عام للبرة والفاجرة. وعليه فيجوز تعلقه بقوله (وَبَرَزُوا) وما بينهما اعتراض أو ب (ترى) (إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) أي محاسبة الخلائق يوم القيامة. لأنه لا يشغله شأن عن شأن. وجميع الخلق بالنسبة إلى قدرته كالواحد منهم. كقوله : (ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ) [لقمان : ٢٨] ، أو المعنى سريع حسابه أي مجيئه كقوله : (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ) [الأنبياء : ١] ، وقوله تعالى :
القول في تأويل قوله تعالى :
(هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ) (٥٢)
(هذا) إشارة إلى القرآن أو السورة وقوله (بَلاغٌ لِلنَّاسِ) أي كفاية لهم لما فيه من العظة والتذكير. وقوله (وَلِيُنْذَرُوا بِهِ) أي ليخوّفوا وليوعظوا به عن الجرائم التي أخذ بها الأولون (وَلِيَعْلَمُوا أَنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ) أي يستدلوا بما فيه من الحجج والدلائل على أنه لا إله إلا هو. وإنما قدم إنذارهم لأنهم إذا خافوا ما أنذروا به ، دعتهم المخافة إلى النظر حتى يتوصلوا إلى التوحيد. لأن الخشية أم الخير كله. أفاده الزمخشريّ : (وَلِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ) أي ليتعظ به ذوو العقول ، فيقبلوا على ما فيه نجاتهم وسعادتهم.