سالمين أو مسلما عليكم (آمِنِينَ) أي من الآفات والزوال (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍ) أي حقد كان في الدنيا ، لبعضهم على بعض (إِخْواناً) حال من فاعل (ادْخُلُوها) أو الضمير في (آمنين) (عَلى سُرُرٍ) أي مراتب عالية (مُتَقابِلِينَ) لتساوي درجاتهم وتقارب مراتبهم. فيتلذذ بعضهم برؤية وجه بعض (مُتَقابِلِينَ لا يَمَسُّهُمْ فِيها نَصَبٌ) أي تعب (وَما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ) لسرمدية مقامهم.
القول في تأويل قوله تعالى :
(نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٤٩) وَأَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ (٥٠) وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ (٥١) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً قالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ) (٥٢)
(نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) أي لمن تاب وآمن وعمل صالحا (وَأَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ) أي لمن لم يتب من كفره. والجملة فذلكة لما سلف من الوعد والوعيد وتقرير له. (وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ) أي عن نبئه. والضيف كالزّور ، يقع على الواحد والجمع.
قال في الكشاف : عطف (وَنَبِّئْهُمْ) على (نَبِّئْ عِبادِي) ليتخذوا ما أحلّ من العذاب بقوم لوط ، عبرة يعتبرون بها سخط الله وانتقامه من المجرمين ، ويتحققوا عنده أن عذابه هو العذاب الأليم (إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً قالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ) أي خائفون. وذلك لما رأى أيديهم لا تصل إلى طعامه.
القول في تأويل قوله تعالى :
(قالُوا لا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ (٥٣) قالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ (٥٤) قالُوا بَشَّرْناكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُنْ مِنَ الْقانِطِينَ (٥٥) قالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّالُّونَ) (٥٦)
(قالُوا لا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ) ، (قالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ) أي مع مسّ الكبر بأن يولد لي ، والكبر مانع منه (فَبِمَ تُبَشِّرُونَ) قال الزمخشري : هي (ما) الاستفهامية دخلها معنى التعجب. كأنه قال : فبأي أعجوبة تبشروني. أو أراد إنكم تبشرونني بما هو غير متصوّر في العادة. فبأي شيء تبشرون؟ يعني لا تبشروني في الحقيقة بشيء. لأن البشارة بمثل هذا ، بشارة بغير شيء.
(قالُوا بَشَّرْناكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُنْ مِنَ الْقانِطِينَ) أي الآيسين من ذلك. (قالَ وَمَنْ