قال أبو السعود : وإفراد النعمة ، إما لأن المراد بها المصدر ، أو لإظهار أن ذلك بالنسبة إلى جانب الكبرياء شيء قليل. وقرئ (تسلمون) بفتح اللام أي من العذاب أو الجراح.
القول في تأويل قوله تعالى :
(فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ (٨٢) يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها وَأَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ (٨٣) وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً ثُمَّ لا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ) (٨٤)
(فَإِنْ تَوَلَّوْا) أي بعد هذا البيان وهذا الامتنان (فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ ، يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللهِ) أي التي عددت ، وأنها بخلقه (ثُمَّ يُنْكِرُونَها) أي بعبادتهم غير المنعم بها وقولهم هي من الله ، ولكنها بشفاعة آلهتنا (وَأَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ).
ثم أخبر تعالى عن شأنهم في معادهم بقوله :
(وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً) وهو نبيّها يشهد عليها بما أجابته من إيمان وكفر فيما بلغها (ثُمَّ لا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا) أي في الاعتذار لأنهم يعلمون بطلانه وكذبه ، كقوله : (هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ ، وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ) [المرسلات : ٣٥ ـ ٣٦] ، (وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ) أي لا يطلب منهم العتبى. أي إزالة عتب ربهم وغضبه. (والعتبى) بالضم الرضا وهو الرجوع عن الإساءة إلى ما يرضي العاتب. يقال : استعتبه أعطاه العتبى بالرجوع إلى مسرته. والعتب لومك الرجل على إساءة كانت له إليك. والمرء إنما يطلب العتاب من خصمه ليزيل ما في نفسه عليه من الموجدة والغضب ويرجع إلى الرضا عنه ، فإذا لم يطلب العتاب منه ، دل ذلك على أنه ثابت على غضبه عليه.
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَإِذا رَأَى الَّذِينَ ظَلَمُوا الْعَذابَ فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ (٨٥) وَإِذا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكاءَهُمْ قالُوا رَبَّنا هؤُلاءِ شُرَكاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوا مِنْ دُونِكَ فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكاذِبُونَ) (٨٦)
(وَإِذا رَأَى الَّذِينَ ظَلَمُوا الْعَذابَ فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ) أي يؤخرون (وَإِذا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكاءَهُمْ) يعني أوثانهم التي عبدوها (قالُوا رَبَّنا هؤُلاءِ