حرمه الله ورسوله ، والدين ما شرعه الله رسوله صلىاللهعليهوسلم فمن اعتقد أن لأحد من الأولياء طريقا إلى الله من غير متابعة محمد صلىاللهعليهوسلم ، فهو كافر من أولياء الشيطان.
وأما خلق الله تعالى للخلق ، ورزقه إياهم ، وإجابته لدعائهم ، وهدايته لقلوبهم ، ونصرهم على أعدائهم ، وغير ذلك من جلب المنافع ، ودفع المضار ، فهذا الله وحده ، يفعله بما يشاء من الأسباب ، لا يدخل في مثل هذا وساطة الرسل.
ثم لو بلغ الرجل في الزهد والعبادة والعلم ما بلغ ، ولم يؤمن بجميع ما جاء به محمد صلىاللهعليهوسلم فليس بمؤمن ، ولا وليّ لله تعالى. كالأحبار والرهبان من علماء اليهود والنصارى وعبّادهم ، وكذلك المنتسبون إلى العلم والعبادة من مشركي العرب والترك والهند وغيرهم ، ممن كان من حكماء الهند والترك. وله علم أو زهد وعبادة في دينه ، وليس مؤمنا بجميع ما جاء به ، فهو كافر ، عدوّ لله ، وإن ظن طائفة أنه وليّ لله. كما كان حكماء الفرس من المجوس كفارا مجوسا ، وكذلك حكماء اليونان مثل أرسطو وأمثاله ، كانوا مشركين ، يعبدون الأصنام والكواكب. وفي أصناف المشركين من هذه الطوائف من له اجتهاد في العلم والزهد والعبادة ، ولكن ليس بمؤمن بالرسل ، ولا يصدقهم فيما أخبروا به ولا يطيعهم فيما أمروا ، فهؤلاء ليسوا بمؤمنين ، ولا أولياء لله ، وهؤلاء تقترون بهم الشياطين وتنزل عليهم ، فيكاشفون الناس ببعض الأمور ، ولهم تصرفات خارقة من جنس السحر ، وهم من جنس الكهان والسحرة الذين تنزل عليهم الشياطين. قال تعالى : (هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ ، تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ ، يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كاذِبُونَ) [الشعراء : ٢٢١ ـ ٢٢٣] ، وهؤلاء جميعهم الذين ينتسبون إلى المكاشفات ، وخوارق العادات ، إذا لم يكونوا متبعين للرسل ، فلا بد أن يكذبوا وتكذبهم شياطينهم ، لا بد أن يكون في أعمالهم ما هو إثم وفجور ، مثل نوع من الشرك أو الظلم أو الفواحش أو الغلو أو البدع في العبادة ، ولهذا تنزلت عليهم الشياطين ، واقترنت بهم ، فصاروا من أولياء الشيطان ، لا من أولياء الرحمن.
ومن الناس من يكون فيه إيمان ، وفيه شعبة من نفاق ، كما في الصحيحين (١) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «آية المنافق ثلاث : إذا حدّث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا اؤتمن خان». وفي صحيح مسلم (٢) : «وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم».
__________________
(١) أخرجه البخاريّ في : الإيمان ، ٢٤ ـ باب علامة المنافق ، حديث رقم ٣١.
ومسلم في : الإيمان ، حديث رقم ١٠٧ و ١٠٨.
(٢) أخرجه مسلم في : الإيمان ، حديث ١٠٩ و ١١٠.