لطيفة :
تنكير (قدم) للإيذان بأن زلل قدم واحدة عظيم ، فكيف بأقدام كثيرة؟ وأشار في (البحر) إلى نكتة أخرى : قال : الجمع تارة يلحظ فيه المجموع من حيث هو مجموع فيؤتى بما هو له مجموعا. وتارة يلاحظ فيه كل فرد فرد فيفرد ماله كقوله : (وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً) [يوسف : ٣١] ، أي لكل واحدة منهن متكئا. ولما كان المعنى : لا يفعل هذا كل واحد منكم ، أفرد (قَدَمٌ) مراعاة لهذا المعنى. ثم قال (وَتَذُوقُوا) مراعاة للفظ الجمع.
قال الشهاب : هذا توجيه للإفراد من جهة العربية ، فلا ينافي النكتة الأولى.
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَلا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللهِ ثَمَناً قَلِيلاً إِنَّما عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (٩٥)
(وَلا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللهِ ثَمَناً قَلِيلاً) أي لا تستبدلوا بعهد الله وبيعة رسوله عرضا من الدنيا يسيرا. وهو ما كانت قريش يعدونهم ويمنّونهم ، إن ارتدوا (إِنَّما عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) أي من إظهاركم في الدنيا وإثابتكم في الآخرة (إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) أي من ذوي العلم والتمييز. وقوله تعالى :
القول في تأويل قوله تعالى :
(ما عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَما عِنْدَ اللهِ باقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) (٩٦)
(ما عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَما عِنْدَ اللهِ باقٍ) تعليل للخيرية بطريق الاستئناف. أي ما عندكم مما تتمتعون به ، يفرغ وينقص. فإنه إلى أجل معدود محصور مقدر متناه ، وما عنده تعالى من ثوابه لكم في الجنة باق لا انقطاع له. فإنه دائم لا يحول ولا يزول (وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ) أي على أذى المشركين ومشاقّ الإسلام (بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) أي بجزاء أحسن من أعمالهم.
القول في تأويل قوله تعالى :
(مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) (٩٧)
(مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً ، وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ