مفسدة بينكم (أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبى مِنْ أُمَّةٍ) أي سبب أن تكون جماعة ، كقريش ، هي أزيد عددا وأوفر مالا من جماعة كالمؤمنين (إِنَّما يَبْلُوكُمُ اللهُ بِهِ) أي يعاملكم معاملة من يختبركم بكونهم أربى ، لينظر أتتمسكون بحبل الوفاء بعهد الله وما عقدتم على أنفسكم ووكدتم من أيمان البيعة لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، أم تغترّون بكثرة قريش وثروتهم وقوتهم ، وقلة المؤمنين وفقرهم وضعفهم؟ (وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ ما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) أي فيتميز المحق من المبطل ، بما يظهر من درجات الثواب والعقاب. وهو إنذار وتحذير من مخالفة ملة الإسلام.
تنبيه :
قال أبو علي الزجاجي ، من أئمة الشافعية : في هذه الآية أصل لما يقوله أصحابنا ، من إبطال الدور. لأن الله تعالى ذم من أعاد على الشيء بالإفساد بعد إحكامه. نقله في (الإكليل)
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَلَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٩٣)
(وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً) أي حنيفة مسلمة (وَلكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَلَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) أي في الدنيا ، سؤال تبكيت ومجازاة ، لا استفسار وتفهم. وهو المنفي في غير هذه الآية. أو في موقف دون موقف كما مر.
وقوله تعالى :
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَلا تَتَّخِذُوا أَيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِها وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِما صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَلَكُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) (٩٤)
(وَلا تَتَّخِذُوا أَيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ) تصريح بالنهي عنه ، بعد أن نهى عنه ضمنا ، لأخذه فيما تقدم قيدا للمنهي عنه ، تأكيدا عليهم ومبالغة في قبح المنهي (فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِها) أي فتزل أقدامكم عن محجة الحق ، بعد رسوخها فيه (وَتَذُوقُوا السُّوءَ) أي ما يسوءكم في الدنيا (بِما صَدَدْتُمْ) أي بصدودكم عن الوفاء ، أو بصدكم غيركم (عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَلَكُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) أي في الآخرة.