شيء يجديه إبلاغي ونصحي ، بدعوتكم إلى التوحيد والتحذير من العذاب ، وإن كان الله يريد إغواءكم ليدمّركم (هُوَ رَبُّكُمْ) أي مالك أمركم (وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) أي بعد الموت فيجازيكم بأعمالكم. وقوله تعالى :
القول في تأويل قوله تعالى :
(أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ) (٣٥)
(أَمْ يَقُولُونَ) أي قوم نوح (افْتَراهُ) أي النصح ، فهو من تتمة نبأ نوح ، أو ضمير الجمع لكفار مكة ، يعنون افتراء محمد صلوات الله عليه لنبأ نوح ، جيء به معترضا في تضاعيفه ، تحقيقا له ، وتأكيدا لوقوعه ، وتشويقا للسامعين إلى استماعه ؛ إذ بقي منها الأهم وهو نتيجته (قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرامِي) أي إثم كسب ذنبي (وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ).
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَأُوحِيَ إِلى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلاَّ مَنْ قَدْ آمَنَ فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ) (٣٦)
(وَأُوحِيَ إِلى نُوحٍ) أي بعد مبالغته في بذل الوسع في النصح مع عدم نفعه إياهم (أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلا تَبْتَئِسْ) أي لا تحزن (بِما كانُوا يَفْعَلُونَ) أي من التكذيب والإيذاء فقد انتهى أمرهم ، حان وقت الانتقام منهم. وقيل : المعنى لا تبتئس ، أي لإهلاكهم شفقة عليهم ، لأنهم إنما يهلكون بما كانوا يفعلون من معاندتهم معك ، فليسوا محلا لشفقتك ولا لرحمتنا.
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ) (٣٧)
(وَاصْنَعِ الْفُلْكَ) أي للتخلص من عذابهم (بِأَعْيُنِنا) أي بحفظنا وكلاءتنا ، كأن معه من الله عزوجل حفاظا وحراسا ، يكلئونه بأعينهم من التعدي من الكفرة ، ومن الزيغ في الصنعة (وَوَحْيِنا) أي إليك ، كيف تصنعها وتعليمنا وإلهامنا. قيل : لم يكن قبله سفينة. (وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا) أي ولا تدعني ، في استدفاع العذاب عنهم ، بشفاعتك (إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ) أي محكوم عليهم بالطوفان ، وقد وجب ذلك ، فلا سبيل إلى كفّه. كقوله تعالى : (يا إِبْراهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هذا إِنَّهُ قَدْ جاءَ أَمْرُ