(وَمِنْ آياتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ) أي لاستراحة القوى وردّ ما فقدته (وَابْتِغاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ) أي بالسعي في الأسباب ، والأخذ في فضل الاكتساب (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ) أي سماع تفهم واستبصار (وَمِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً) أي من الصاعقة (وَطَمَعاً) أي في الغيث والرحمة. أو لتخافوا من قهر سلطانه ، وتطمعوا في عظيم إحسانه (وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ ماءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ) أي بالنبات (بَعْدَ مَوْتِها) أي يبسها (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ وَمِنْ آياتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ) أي إرادته لقيامهما. قال أبو السعود : والتعبير عنها بالأمر ، للدلالة على كمال القدرة ، والغنى عن المبادئ والأسباب. وليس المراد بإقامتهما إنشاؤهما. لأنه قد بيّن حاله بقوله تعالى : (وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) [الروم : ٢٢] ، ولا إقامتهما بغير مقيم محسوس ، كما قيل. فإن ذلك من تتمات إنشائهما ، وإن لم يصرح به. تعويلا على ما ذكر في غير موضع من قوله تعالى (خَلَقَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها) [لقمان : ١٠] الآية. بل قيامهما واستمرارهما على ما هما عليه ، إلى أجلهما الذي نطق به قوله تعالى فيما قبل (ما خَلَقَ اللهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى) [الروم : ٨] ، وحيث كانت هذه الآية متأخرة عن سائر الآيات المعدودة ، متصلة بالبعث في الوجود ، أخرت عنهن وجعلت متصلة به في الذكر أيضا ، فقيل : (ثُمَّ إِذا دَعاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ) فإنه كلام مسوق للإخبار بوقوع البعث ووجوده ، بعد انقضاء أجل قيامهما ، مترتب على تعداد آياته الدالة عليه ، غير منتظم في سلكها كما قيل. كأنه قيل : ومن آياته قيام السموات والأرض على هيآتهما بأمره تعالى ، إلى أجل مسمى قدره الله تعالى لقيامهما. ثم إذا دعاكم. أي بعد انقضاء الأجل من الأرض وأنتم في قبوركم ، دعوة واحدة ، بأن قال :
أيها الموتى! اخرجوا ، فاجأتم الخروج منها ، وذلك قوله تعالى (يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ) [طه : ١٠٨] ، انتهى.
لطائف :
الأولى ـ الدعاء. إما على حقيقته ، أو الكلام تمثيل. شبّه سرعة ترقب حصول ذلك ، على تعلق إرادته بلا توقف ، واحتياج إلى تجشم عمل ، بسرعة ترقب إجابة الداعي المطاع على دعائه. أو هو مكنية وتخييلية ، بتشبيه الموتى بقوم يريدون الذهاب إلى محل ملك عظيم يتهيؤون لذلك ، وإثبات الدعوة لهم قرينتها.
الثانية ـ قوله تعالى (مِنَ الْأَرْضِ) متعلق ب (دعا) كقوله : دعوته من أسفل