(فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ) أي تعظم (وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ) أي باستكباره أمر الله تعالى ، واستكباره عن طاعته.
القول في تأويل قوله تعالى :
(قالَ يا إِبْلِيسُ ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ) (٧٥)
(قالَ يا إِبْلِيسُ ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَ) أي بنفسي من غير توسط ، كأب وأم (أَسْتَكْبَرْتَ) أي : أعرض لك التكبر والاستنكاف (أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ) أي عليه زائدا في المرتبة.
القول في تأويل قوله تعالى :
(قالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ) (٧٦)
(قالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ) يعني أن الروح الحيوانيّ الناري أشرف من المادة الكثيفة البدنية. وعاب عنه ما تضمنته من الحكمة الإلهية ، واللطيفة الربانية حتى تمسك بالقياس ، وعصى الله تعالى في السجود.
القول في تأويل قوله تعالى :
(قالَ فَاخْرُجْ مِنْها فَإِنَّكَ رَجِيمٌ) (٧٧)
(قالَ فَاخْرُجْ مِنْها) أي من الجنة أو السماء (فَإِنَّكَ رَجِيمٌ) أي مطرود من الرحمة ومحل الكرامة.
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلى يَوْمِ الدِّينِ) (٧٨)
(وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلى يَوْمِ الدِّينِ) قال القاشانيّ : الرجيم واللعين من بعد عن الحضرة القدسية ، المنزهة عن المواد الرجسية ، بالانغماس في الغواشي الطبيعية ، والاحتجاب بالكوائن الهيولانية. ولهذا وقّت اللعن بيوم الدين. وحدد نهايته به ، لأن وقت البعث والجزاء هو زمان تجرد الروح عن البدن ومواده. وحينئذ لا يبقى تسلطه على الإنسان. انتهى.