ولذا قيد بالظرف. لأن الدنيا مزرعة الآخرة ، فينبغي أن يلقى في حرثها بذر المثوبات. وعقب بهذه الجملة لئلا يعتذر عن التفريط بعدم مساعدة المكان ، ويتعلل بعدم مفارقة الأوطان ، فكان حثا على اغتنام فرصة الأعمار ، وترك ما يعوق من حب الديار ، والهجرة فيما اتسع من الأقطار ، كما قيل :
إذا كان أصلي من تراب فكلّها |
|
بلادي وكلّ العالمين أقاربي |
انتهى. (إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ) أي على مشاق الطاعة من احتمال البلاء. ومهاجرة الأوطان لها (أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ) أي بغير مكيال. تمثيل للكثرة.
القول في تأويل قوله تعالى :
(قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ) (١١)
(قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ) أي عن الالتفات إلى غيره.
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ) (١٢)
(وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ) أي وأمرت بذلك ، لأجل أن أكون مقدمهم في الدنيا والآخرة. لأن إخلاصه صلىاللهعليهوسلم أتمّ من إخلاص كل مخلص. وعلى هذا ، فالأولية في الشرف والرتبة. أو لأنه أول من أسلم وجهه لله من أمته. فالأولية زمانية على ظاهرها. ويجوز أن تجعل اللام مزيدة. كما في (أردت لأن أفعل) فيكون أمرا بالتقدم في الإخلاص.
القول في تأويل قوله تعالى :
(قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٣) قُلِ اللهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي) (١٤)
(قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي) أي بترك الإخلاص له (عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ قُلِ اللهَ أَعْبُدُ) أي أخصه بالعبادة (مُخْلِصاً لَهُ دِينِي) عن شوب الغير.
القول في تأويل قوله تعالى :
(فَاعْبُدُوا ما شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَلا ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ) (١٥)