القول في تأويل قوله تعالى :
(يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ لا يَخْفى عَلَى اللهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ(١٦) الْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) (١٧)
(يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ) أي من قبورهم. أو ظاهرون لا يسترهم شيء من جبل أو بناء (لا يَخْفى عَلَى اللهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ) أي من أعمالهم وأعيانهم وأحوالهم. وقوله (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ) ينادي به الحق سبحانه ، عند فناء الكل. أو وقت التلاقي والبروز. فيجيب هو وحده (لِلَّهِ الْواحِدِ) أي المتفرد بالملك (الْقَهَّارِ) أي الذي قهر بالغلبة كل ما سواه (الْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) أي بإيصال ما يستحق كل منهم إليه ، من تبعات سيئاته وثمرات حسناته.
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ كاظِمِينَ ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ) (١٨)
(وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ) أي الواقعة القريبة (إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ) أي من أهواله ترتفع القلوب عن مقارّها. فتصير لدى الحلوق (كاظِمِينَ) أي ممتلئين غمّا ، بما أفرطوا من الظلم (ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ) أي قريب يهتمّ لشأنهم ، فيخفف عنهم غمومهم (وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ) أي من يشفع في تخفيفها عنهم. إذ لا تقبل شفاعة فيهم.
القول في تأويل قوله تعالى :
(يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ (١٩) وَاللهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (٢٠) أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ كانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثاراً فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ وَما كانَ لَهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ واقٍ (٢١) ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقابِ (٢٢) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ (٢٣) إِلى فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَقارُونَ فَقالُوا ساحِرٌ كَذَّابٌ (٢٤) فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنا قالُوا اقْتُلُوا أَبْناءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِساءَهُمْ وَما كَيْدُ الْكافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلالٍ) (٢٥)