(وَقالَ فِرْعَوْنُ يا هامانُ ابْنِ لِي صَرْحاً) أي قصرا عاليا ظاهرا لكل أحد (لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ أَسْبابَ السَّماواتِ) أي طرقها (فَأَطَّلِعَ إِلى إِلهِ مُوسى) أي لأسأله عن إرساله ، أو لأقف على كنهه (وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كاذِباً) قال ابن جرير : أي لأظن موسى كاذبا فيما يقول ويدّعي ، من أن له في السماء ربّا أرسله إلينا (وَكَذلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ) أي سبيل الرشاد لما طبع على قلبه ، من كبره وتجبّره وإسرافه وارتيابه (وَما كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبابٍ) أي خسار وهلاك ، لذهاب نفقته على الصرح سدى ، وعدم نيله ، مما أراده من الاطلاع ، شيئا.
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَقالَ الَّذِي آمَنَ يا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشادِ) (٣٨)
(وَقالَ الَّذِي آمَنَ يا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشادِ) أي طريق الصواب الذي ترشدون إذا أخذتم فيه وسلكتموه. ثم أشار إلى تفصيل ما أجمله بقوله :
القول في تأويل قوله تعالى :
(يا قَوْمِ إِنَّما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا مَتاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دارُ الْقَرارِ) (٣٩)
(يا قَوْمِ إِنَّما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا مَتاعٌ) أي تمتع يسير ، لسرعة زوالها (وَإِنَّ الْآخِرَةَ) التي يوصل إليها سبيلي (هِيَ دارُ الْقَرارِ) أي الاستقرار والخلود.
القول في تأويل قوله تعالى :
(مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزى إِلاَّ مِثْلَها وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ) (٤٠)
(مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ) أي بغير تقدير وموازنة بالعمل. بل أضعافا مضاعفة. قال الزمخشري : قوله : (بِغَيْرِ حِسابٍ) واقع في مقابلة (إِلَّا مِثْلَها) يعني أن جزاء السيئة له حساب وتقدير ، لئلا يزيد على الاستحقاق. فأما جزاء العمل الصالح فبغير تقدير وحساب ، بل ما شئت من الزيادة والكثرة.
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَيا قَوْمِ ما لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ (٤١) تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللهِ وَأُشْرِكَ بِهِ ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ) (٤٢)