يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ) [القيامة : ١١ ـ ١٢] ، (ما لَكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ عاصِمٍ) أي من عذابه ، من مانع ، لتقرر الحجة عليكم (وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ) أي بزيغه عن صراط ربه (فَما لَهُ مِنْ هادٍ) أي من حجة ولا مرشد إلى النجاة.
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَلَقَدْ جاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّناتِ فَما زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولاً كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتابٌ) (٣٤)
(وَلَقَدْ جاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّناتِ) أي من قبل مجيء موسى بالحجج البينة والبراهين النيرة ، على وجوب عبادته تعالى وحده. كقوله : (أَأَرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ) [يوسف : ٣٩] ، (فَما زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جاءَكُمْ بِهِ) أي مع ظهور استقامته الكافية في الدلالة على صحة ما جاءكم به ، فلم يزل يقررها (حَتَّى إِذا هَلَكَ) أي مات (قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولاً) أي يقرر حججه. فقطعتم من عند أنفسكم ، بعدم إرسال الله الرسول ، مع الشك في إرسال من أعطاه البينات ، من فرط ضلالكم (كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ) أي في التشكيك عند ظهور البراهين القطيعة (مُرْتابٌ) أي شاكّ مع ظهور لوائح اليقين.
القول في تأويل قوله تعالى :
(الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ) (٣٥)
(الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ) أي برهان (أَتاهُمْ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ) أي بطر للحق ، لا يقبل الحجة. جبار في المجادلة. ألدّ فيصدر عنه أمثال ما ذكر ، من الإسراف والارتياب والمجادلة في الباطل لطمس بصيرته ، فلا يكاد يظهر له الحق.
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَقالَ فِرْعَوْنُ يا هامانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ (٣٦) أَسْبابَ السَّماواتِ فَأَطَّلِعَ إِلى إِلهِ مُوسى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كاذِباً وَكَذلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَما كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلاَّ فِي تَبابٍ) (٣٧)