ما ذكر. أي ليس استتارهم للخوف مما ذكر ، بل من الناس. ف (أَنْ يَشْهَدَ) مفعول له ، بتقدير مضاف. أو من أن يشهد أو عن أن يشهد. أو أنه ضمن معنى الظن ، فهو في محل نصب. وفي الآية تنبيه على أن المؤمن ينبغي أن يتحقق ، أنه لا يمر عليه حال إلا وعليه رقيب ، كما قال أبو نواس :
إذا ما خلوت الدهر يوما ، فلا تقل |
|
خلوت. ولكن قل : علي رقيب |
ولا تحسبنّ الله يغفل ساعة |
|
ولا أن ما يخفى عليك ، يغيب |
(وَلكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ) أي ما ظننتم أن الله يعلم فينطق الجوارح ، ولكن ظننتم أنه لا يعلم كثيرا ، وهو ما عملتم خفية. فما استترتم عنها واجترأتم على المعاصي. وإذا كان (أَنْ يَشْهَدَ) مفعولا له ، فالمعنى ما استترتم بالحجب ، لخيفة أن تشهد عليكم الجوارح. فلذا ما استترتم عنها. لكن لأجل ظنكم أن الله لا يعلم كثيرا ، فلذا سعيتم في الاستتار عن الخلق ، لا عن الخالق ، ولا عما تنطق به الجوارح.
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ) (٢٣)
(وَذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ) أي أهلككم بالجراءة على مخالفته في الدنيا ، ومجادلته في القيامة (فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ) أي لأعمال النجاة. والدرجات في الآخرة.
القول في تأويل قوله تعالى :
(فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَما هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ) (٢٤)
(فَإِنْ يَصْبِرُوا) أي على النار (فَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ) أي منزل ومسكن (وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا) أي يسألوا العتبى وهي الرجعة إلى الذين يحبون (فَما هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ) أي المجابين إليه ، فلا يخفف عنهم العذاب.
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَقَيَّضْنا لَهُمْ قُرَناءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كانُوا خاسِرِينَ (٢٥) وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ) (٢٦)