الخلد. ويجعله للظرفية الحقيقية ، تكلف لا داعي له. مع أن المذكور أبلغ. قاله الشهاب (جَزاءً بِما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ) أي ينكرون أو يلغون. وذكر الجحود الذي هو سبب اللغو.
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلاَّنا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا لِيَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِينَ) (٢٩)
(وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا) أي ندوسهما انتقاما منهما (لِيَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِينَ) قال القاشاني : أي حنق المحجوبون واغتاظوا على من أضلهم من الفريقين ، عند وقوع العذاب. وتمنوا أن يكونوا في أشد من عذابهم وأسفل من دركاتهم ، لما لقوا من الهوان وألم النيران وعذاب الحرمان والخسران ، بسببهم. وأرادوا أن يشفوا صدورهم برؤيتهم في أسوأ أحوالهم ، وأنزل مراتبهم. كما ترى من وقع في البلية ، بسبب رفيق أشار إليه بما أوقعه فيها ، يتحرّد عليه ويتغيّظ ، ويكاد أن يقع فيه ، مع غيبته ويتحرّق. انتهى.
القول في تأويل قوله تعالى :
(إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) (٣٠)
(إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ) أي وحّدوه بنفي غيره ، وعرفوه بالإيقان حق معرفته (ثُمَّ اسْتَقامُوا) أي في أخلاقهم وعقائدهم وأعمالهم. وذلك بالسلوك في طريقه تعالى ، والثبات على صراطه ، مخلصين لأعمالهم ، عاملين لوجهه ، غير ملتفتين بها إلى غيره (تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ) أي في الدنيا ، بإلهامهم. أو عند الموت ، أو حين البعث (أَلَّا تَخافُوا) أي ما تقدمون عليه بعد مماتكم (وَلا تَحْزَنُوا) أي على ما خلفتم من دنياكم ، من أهل وولد. فإنا نخلفكم في ذلك كله. أو من الفزع الأكبر وهوله ، فإنكم آمنون لآية (لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ) [الأنبياء : ١٠٣] ، والتنزيل يفسر بعضه بعضا. أو الآيتان في مقامين وبشارتين. وفضله تعالى أوسع ، وجوده أعم وأشمل. قال القاشاني : وإنما تنزلت الملائكة عليهم للمناسبة الحقيقية بينهم في التوحيد الحقيقي ، والإيمان اليقيني ، والعمل الثابت على منهاج