بالغيب ، وتلاعبا بما شاء الهوى (فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِما عَمِلُوا) أي فلنخبرن هؤلاء المتمنين على الله الأباطيل ، بحقيقة أعمالهم. ولنبصرنّهم عكس ما اعتقدوا فيها (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ) وهو تخليدهم في النار.
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ أَعْرَضَ وَنَأى بِجانِبِهِ وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ) (٥١)
(وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ أَعْرَضَ وَنَأى بِجانِبِهِ) أي إذا كشفنا ما به من ضر ، ورزقناه غنى وصحة وسعة ، أعرض عما دعي إليه من الطاعة. وتكبر وشمخ بأنفه عن الإجابة. (وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ) أي كثير. يديم تضرعه ، ويستغرق في الابتهال أنفاسه. وقد استعير (العرض) لكثرة الدعاء. كما يستعار له (الطول) أيضا. فيقال : أطال فلان الدعاء ، إذا أكثر. وكذلك أعرض دعاءه.
القول في تأويل قوله تعالى :
(قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقاقٍ بَعِيدٍ) (٥٢)
(قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ) أي القرآن (مِنْ عِنْدِ اللهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ) أي من غير نظر واتباع دليل (مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقاقٍ بَعِيدٍ) أي من أضل منكم. فوضع الموصول موضع الصلة ، شرحا لحالهم وتعليلا لمزيد ضلالهم. والشقاق الخلاف. لكون المخالف في شق وجانب ممن خالفه. قال الشهاب : الآية رجوع لإلزام الطاعنين والملحدين. وختم السورة بما يلتفت لفت بدئها ، وهو من الكلام المنصف. وفيه حث على التأمل ، واستدراج للإقرار. مع ما فيه من سحر البيان. وحديث الساعة وقع في البين تتميما للوعيد. وتنبيها على ما هم عليه من الضلال البعيد.
القول في تأويل قوله تعالى :
(سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (٥٣)
(سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ) يعني وقائع النبيّ صلىاللهعليهوسلم بنواحي بلد المشركين من أهل مكة وأطرافها. وظهوره على الناس تصديقا للوعد (وَفِي أَنْفُسِهِمْ) أي من