القول في تأويل قوله تعالى :
(وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ وَيَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ) (٢٥)
(وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ) أي يقبل رجوعه إذا راجع توحيد الله وطاعته ، من بعد كفره (وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ) أي معاصيه التي تاب منها (وَيَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ) أي من خير أو شر ، وهو مجازيكم عليه.
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَالْكافِرُونَ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ (٢٦) وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ما يَشاءُ إِنَّهُ بِعِبادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ) (٢٧)
(وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) أي يستجيب لهم. فحذف اللام كما حذف في قوله تعالى : (وَإِذا كالُوهُمْ) [المطففين : ٣] ، أي يثيبهم على طاعتهم (وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ) أي على ثوابهم ، منة منه وطولا (وَالْكافِرُونَ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ ، وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ) أي تجاوزوا الحدّ الذي حدّه لهم إلى غيره ، بركوبهم ما حظره عليهم. لأن الغنى مبطرة مأشرة (كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى) [العلق : ٦ ـ ٧] ، (وَلكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ما يَشاءُ) أي ولكن ينزل من رزقه ما يشاؤه بقدر ، لكفايتهم (إِنَّهُ بِعِبادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ) قال الزمخشري : أي يعرف ما يؤول إليه أحوالهم ، فيقدّر لهم ما هو أصلح لهم وأقرب إلى جمع شملهم ، فيفقر ويغني ، ويمنع ويعطي ، ويقبض ويبسط. كما توجبه الحكمة الربانية. ولو أغناهم جميعا لبغوا ، ولو أفقرهم لهلكوا.
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ) (٢٨)
(وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ) أي بركات الغيث ومنافعه وآثاره من الخصب والرخاء (وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ) أي الذي يتولى الخلق بإحسانه ، والمحمود على أياديه عندهم.