نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ) [غافر : ٧٧] ، وفي تعبيره بالوعد ، وهو لا يخلف الميعاد ، إشارة إلى أنه هو الواقع. وهكذا كان. إذ لم يفلت أحد من صناديدهم ، إلا من تحصّن بالإيمان.
القول في تأويل قوله تعالى :
(فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (٤٣)
(فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) يعني دين الله الذي أمر به وهو الإسلام. فإنه كامل الاستقامة من كل وجه. قال الشهاب : هذا تسلية له صلىاللهعليهوسلم وأمر لأمته أو له ، بالدوام على التمسّك. والفاء في جواب شرط مقدّر. أي إذا كان أحد هذين واقعا لا محالة ، فاستمسك به.
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ) (٤٤)
(وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ) أي وإن الذي أوحي إليك لشرف لك ولقومك من قريش. لما خصهم به من نزوله بلسانهم. أو المراد بقومه ، أتباعه. أي تنويه بقدرك وبقدر أمتك ، لما أعطاه لهم بسببه من العلوم والمزايا والخصائص والشرائع الملائمة لسائر الأحوال والأزمان ، وجوّز أن يراد بالذكر الموعظة (وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ) أي عما عملتم فيه ، من ائتماركم بأوامره ، وانتهائكم عن نواهيه.
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَجَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ) (٤٥)
(وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَجَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ) أي : هل حكمنا بعبادة الأوثان؟ وهل جاءت في ملة من مللهم؟ قال القاضي : والمراد به الاستشهاد بإجماع الأنبياء على التوحيد والدلالة على أنه ليس ببدع ابتدعه ، فيكذب ويعادى له. انتهى.
والذين أمر بمسألتهم الرسول صلىاللهعليهوسلم ، هم مؤمنو أهل الكتابين التوراة والإنجيل. فالكلام بتقدير مضاف. أي أممهم المؤمنين. أو يجعل سؤالهم بمنزلة سؤال أنبيائهم. لأنهم إنما يخبرونه عن كتب الرسل. فإذا سألهم فكأنه سأل الأنبياء.