يغني مع عدم العلم بصحة المقالة. والثاني ـ أن شرط سائر الشهادات في الحقوق وغيرها ، أن يكون الشاهد عالما بها.
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ) (٨٧)
(وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ) أي : خلقنا لتعذر المكابرة فيه من فرط ظهوره (فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ) أي يصرفون عن عبادته إلى عبادة غيره.
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَقِيلِهِ يا رَبِّ إِنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ) (٨٨)
(وَقِيلِهِ) أي قيل محمد صلوات الله عليه ، شاكيا إلى ربه تبارك وتعالى ، قومه الذين كذبوه وما يلقى منهم (يا رَبِّ إِنَّ هؤُلاءِ) أي الذين أمرتني بإنذارهم ، وأرسلتني إليهم لدعائهم إليك (قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ) أي بالتوحيد والرسالة واليوم الآخر. كقوله تعالى : (وَقالَ الرَّسُولُ يا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً) [الفرقان : ٣٠].
القول في تأويل قوله تعالى :
(فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) (٨٩)
(فَاصْفَحْ) أي أعرض (عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ) أي لكم أو عليكم. أو أمري سلام.
أي متاركة فهو سلام متاركة لا تحية.
وقال الرازيّ : احتج قوم بهذه الآية على أنه يجوز السلام على الكافر. ثم قال : إن صح هذا الاستدلال فإنه يوجب الاقتصار على مجرد قوله (سلام) وأن يقال للمؤمن (سلام عليكم) والمقصود التنبيه على التحية التي تذكر للمسلم والكافر.
وفيه نظر ، لأنه جمود على الظاهر البحت هنا ، والغفلة عن نظائره. من نحو قول إبراهيم عليهالسلام لأبيه (سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي) [مريم : ٤٧] ، وآية (سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ) [القصص : ٥٥] ، على أن الأكثر على أن الخبر هنا محذوف ، أي (عليكم) والمقدر كالمذكور ، والمحذوف لعلة كالثابت. فالصواب أن السلام للمتاركة. والله أعلم (فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) أي حقية ما أرسلت به ، بسموّ الحق وزهوق الباطل.