بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
القول في تأويل قوله تعالى :
(حم (١) تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (٢) ما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلاَّ بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ) (٣)
(حم) ، (تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِ) أي : الحكمة وإقامة العدل في الخلق. (وَأَجَلٍ مُسَمًّى) أي : وبتقدير أجل معين لكل منها ، يفنيه إذا هو بلغه ، وهو يوم القيامة. (وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا) أي : من هول ذلك اليوم (مُعْرِضُونَ) أي : لا يؤمنون.
القول في تأويل قوله تعالى :
(قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَرُونِي ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ ائْتُونِي بِكِتابٍ مِنْ قَبْلِ هذا أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (٤)
(قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) أي : من الأوثان التي تعبدونها. (أَرُونِي ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ) أي أروني ما تأثير ما تعبدونه في شيء أرضيّ بالاستقلال ، أو شيء سماويّ بالشركة ، حتى تستحق العبادة. (ائْتُونِي بِكِتابٍ مِنْ قَبْلِ هذا) تبكيت لهم بتعجيزهم عن الإتيان بسند نقليّ ، بعد تبكيتهم بالتعجيز عن الإتيان بسند عقليّ. أي : ائتوني بكتاب إلهيّ من قبل هذا القرآن الناطق بالتوحيد ، وإبطال الشرك ، دالّ على صحة دينكم. (أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ) أي : أو بقية من علم بقيت عليكم من علوم الأولين ، شاهدة باستحقاقهم للعبادة. (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) أي : في دعواكم ، فإنها لا تكاد تصح ، ما لم يقم عليها برهان عقليّ ، أو سلطان نقليّ. وحيث لم يقم عليها شيء منهما ، وقد قامت على خلافها أدلة العقل والنقل ، تبين بطلانها.