ولهذا كان أفضل الخلق أولياؤه المتقون. وأما أقاربه ففيهم المؤمن والكافر والبرّ والفاجر. فإن كان فاضل منهم ، كعليّ رضي الله عنه وجعفر والحسن والحسين ، ففضلهم بما فيهم من الإيمان والتقوى. وهم أولياؤه بهذا الاعتبار لا بمجرد النسب. فأولياؤه أعظم درجة من آله. وإن صلّى على آله تبعا ، لم يقتض ذلك أن يكونوا أفضل من أوليائه. الذين لم يصلّ عليهم. فإن الأنبياء والمرسلين هم من أوليائه. وهم أفضل من أهل بيته. وإن لم يدخلوا في الصلاة معه تبعا ، فالمفضول قد يختص بأمر ولا يلزم أن يكون أفضل من الفاضل. ودليل ذلك أن أزواجه هم ممن يصلي عليه كما ثبت ذلك في الصحيحين. وقد ثبت باتفاق الناس كلهم أن الأنبياء. أفضل منهن كلهن. فإن قيل : فهب أن القرآن لا يدل على وقوع ما أريد من التطهير وإذهاب الرجس ، لكن دعاء النبيّ صلىاللهعليهوسلم بذلك يدل على وقوعه. فإن دعاءه مستجاب. قيل : المقصود أن القرآن لا يدل على ما ادعاه بثبوت الطهارة وإذهاب الرجس. فضلا عن أن يدل على العصمة والإمامة. وأما الاستدلال بالحديث فذاك مقام آخر. ثم نقول في المقام الثاني : هب أن القرآن دلّ على طهارتهم وعلى ذهاب رجسهم ، كما أن الدعاء المستجاب لا بد أن يستحق معه طهارة المدعوّ لهم وإذهاب الرجس عنهم. لكن ليس في ذلك ما يدل على العصمة من الخطأ. والدليل عليه أن الله لم يرد بما أمر به أزواج النبيّ صلىاللهعليهوسلم أن لا يصدر من واحدة منهن خطأ. فإن الخطأ مغفور لهن ولغيرهن. وسياق الآية يقتضي أنه يريد ليذهب عنهم الرجس الذي هو الخبث. كالفواحش ويطهرهم تطهيرا من الفواحش وغيرها من الذنوب. والتطهير من الذنب على وجهين ، كما في قوله : (وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ) [المدثر : ٤] ، وقوله : (إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ) [الأعراف : ٨٢] و [النمل : ٥٦] ، فإنه قال فيها (مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ) [الأحزاب : ٣٠] ، والتطهير من الذنب إما بأن لا يفعله العبد ، وإما بأن يتوب منه كما في قوله : (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها) [التوبة : ١٠٣] ، ما أمر الله به من الطهارة ابتداء وإرادة. فإنه يتضمن نهيه عن الفاحشة ، لا يتضمن الإذن فيها بحال. لكن هو سبحانه ينهى عنها ، ويأمر من فعلها بأن يتوب منها. وفي الصحيح (١) عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم أنه كان يقول : اللهم! باعد بيني وبين خطاياي ، كما باعدت بين المشرق والمغرب. واغسلني بالثلج والبرد والماء البارد. اللهم! نقني من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس. وبالجملة ، لفظ
__________________
(١) أخرجه البخاري في : الأذان ، ٨٩ ـ باب ما يقول بعد التكبير ، حديث ٤٥٤ ، عن أبي هريرة.
وأخرجه مسلم في : المساجد ومواضع الصلاة ، حديث رقم ١٤٧.